ربما استمد ستالين قوته هذه من الظروف التاريخية التي جعلته أبرز صانعي الثورة، أو من أنه أحد الذين ساهموا في صنع هذه النظرية نفسها فأصبح هو أكبر حجة فيها، واستمد بذلك قوته وقداسته من قوتها وقداستها ... ولكن النتيجة على أية حال هي أن ستالين كان صاحب الكلمة العليا في البلاد ...
وتسجيل هذه الحقيقة يغنينا عن تقصي نظام الحكم وأجهزته في عهد ستالين، فقد كانت الأنهار كلها على أية حال تنبع منه.
وقد قال لي كثيرون ممن تحدثت معهم: إن ستالين حتى سنة 1939 كان محبوبا من فريق، ومكروها من فريق، ولكنه كان مهابا من الجميع.
وكان طبيعيا أن أسأل: لماذا كان مكروها ... من فريق؟ فأجابني من سألت: إن اسمه قد اقترن بكل الإجراءات العنيفة القاسية التي اقتضتها الثورة، ثم اقتضاها وضع النظرية موضع التطبيق. فقد اقترن اسمه بإعدام عدد كبير من أبرز زعماء الثورة نفسها مثل: زينوفيف وكامينيف وبوخارين، وبالمحاكمات الدامية وحركات التطهير الواسعة التي قضى فيها على الذين كانوا يعارضونه من اليسار ومن اليمين على السواء، والمعتقلات التي فغرت فاها لتتلقى الآلاف، ثم بالمذابح التي صاحبت تحويل الملكية الفردية في الريف إلى ملكية جماعية.
واخترت شيوعيا محتمسا ممن كنا نحتك بهم طوال الرحلة لكي أناقشه في هذه النقطة ...
قال لي: إن كل ثورة لها الديكتاتور، أو الدكتاتورية التي تضع مبادئها موضع التطبيق، ولو كان التطور والتغيير يتم سلميا وبالإقناع لما كان هناك داع لأي ثورة، ولكن الأمر الواقع في تاريخ كل البلاد أن كثيرا من التغيرات التقدمية تمت بطريقة الثورة ...
والثورة معناها عمل عنيف يستهدف تحطيم كيان قديم يدافع عن نفسه بالعنف أيضا ...
لقد عرفت الثورة الإنجليزية دكتاتورية كرومويل، وعرفت الثورة الفرنسية دكتاتورية اليعاقبة، والثورة الأمريكية دكتاتورية جورج واشنجطون، وكل ثورة من هذه الثورات أو كل دكتاتورية من هذه الدكتاتوريات كانت تضطر إلى إنكار حق الحرية على القليلين الذين قامت الثورة ضدهم، من أجل الكثيرين الذين قامت الثورة لحسابهم ...
إن ما صنعه ستالين ليس جديدا في تاريخ العالم؛ إنه قديم تستطيع أن تجده في تاريخ أي ثورة ... (18-1) بين ه. ج. ويلز وستالين
وكأن هذا الرفيق الذي سألته أراد أن يدعم دفاعه فقدم لي كتيبا صغيرا مطبوعا في إنجلترا عن النص الرسمي للحوار الذي دار بين ستالين وبين الكاتب الإنجليزي ه. ج. ويلز عندما زاره هذا الأخير في الكرملين سنة 1935.
Halaman tidak diketahui