وبعد أربعة أعوام انتهى الصراع على الخلافة بانتصار تام لستالين ...
ويرجع الفضل في انتصاره إلى أنه فعل ما فعله لينين في سنة 1917، وإلى أنه لم يكن يقل عنه كفاءة وبراعة في مزج الخطط العملية بالمذهب البلشفي نفسه، ثم إلى أنه كان يشغل منصبا قويا يمكنه من تنفيذ خططه؛ هو منصب السكرتير العام للحزب الشيوعي.
والواقع أن لينين كان قد وضع الخطة التي ينبغي أن تنفذ في مثل هذه الحالة؛ إذ قال: «إذا كان هناك خمسة أطرف فانضم إلى ثلاثة لسحق الخامس، ثم تعاون مع اثنين من الباقين لإزالة الرابع، ثم أيد أحد الاثنين الباقين لتتخلص من الثالث، وعندئذ لن يبقى سوى خصم واحد يسهل القضاء عليه.»
ولقد تعاون ستالين بادئ ذي بدء مع زينوفييف وكيمينيف، مندوبي الحزب في ليننجراد وموسكو، ضد تروتسكي الذي كان يبدو في بداية الأمر أقوى المنافسين الأربعة، وبعد انقضاء عام واحد على وفاة لينين كان ستالين قد انتصر على تروتسكي ثم تحول إلى الاثنين الآخرين اللذين شرعا يقتديان بتروتسكي ويدعوان إلى تعزيز الاشتراكية وتوسيع حركة التصنيع ، وإشعال الثورات في الخارج، وإلى مزيد من حرية القول. •••
أما أتباع تروتسكي وأنصاره في روسيا فقد تحدث عن مصيرهم وعما لاقوه خروشيشيف السكرتير العام للحزب الشيوعي السوفييتي في خطابه الذي ألقاه في يومي 24 و25 فبراير سنة 1956 بالمؤتمر العشرين الذي عقده الحزب؛ إذ قال: ... في الوقت الحاضر، وبعد أن انسلخت من التاريخ فترة طويلة من الزمن، نستطيع أن نتحدث عن المعركة التي خاضها الحزب ضد أتباع تروتسكي حديثا هادئا، كما نستطيع أن نحلل هذه المعركة تحليلا موضوعيا دقيقا، وينبغي أن نقول بادئ ذي بدء: إن بعض الذين التفوا حول تروتسكي كانوا ينحدرون من مجتمع لا يمكن أن نسميه بأية حال من الأحوال مجتمعا بورجوازيا؛ فبعض هؤلاء الأتباع كانوا من طبقة الحزب المثقفة، كما كان البعض الآخر من صميم الطبقة العاملة.
وفي وسعنا الآن أن نذكر أسماء أفراد كثيرين انضموا إلى جماعة تروتسكي، ولكنهم في الوقت نفسه ساهموا بنشاط في الحركة العمالية التي سبقت الثورة، كما ساهموا في ثورة أكتوبر الاشتراكية نفسها، وفي تدعيم نجاح هذه الثورة الكبرى، بل إن كثيرا منهم خرجوا على مبادئ تروتسكي واستعادوا إيمانهم بمبادئ لينين ... فهل كان من الضروري إذلال هؤلاء الأشخاص؟ إننا على يقين من أن هؤلاء الأشخاص ما كانوا ليقعوا ضحية إجراءات تعسفية لو أن لينين كان لا يزال على قيد الحياة.
وهكذا تمكن ستالين في عام 1928 من القضاء على عناصر اليسارية التروتسكية، وما كاد يقضي عليها حتى أخذ في تنفيذ برنامج تروتسكي نفسه فيما يتعلق ببرنامج التصنيع الإجباري والتأميم ونشر الشيوعية الدولية.
وكان من نتائج تنفيذ هذه السياسة القضاء على طبقة «الكولاك»؛
7
وذلك عندما تبين أن 2٪ فقط من الفلاحين قد لبوا الدعوة إلى الزراعة الجماعية، فأصدر أمره بالتنكيل بالكولاك ونفيهم إلى سيبيريا، وما إن وافت سنة 1932 حتى كان أكثر من 80٪ من الأراضي قد صار خاضعا في زراعته للطريقة الجديدة.
Halaman tidak diketahui