Springs of the Pulpit: A Collection of Sermons and Articles - Volume 1
ينابيع المنبر مجموعة خطب ومقالات المجموعة الأولى
Genre-genre
روى الإمام الطبري عن سعد، عن زيد بن أسلم: أن رجلًا مِن المنافقين قال لعوف بن مالك في غزوة تَبوك: ما لقُرَّائنا هؤلاء أرغبنا بطونًا وأكذبنا ألسنةً، وأجبننا عند اللقاء! فقال له عوف: كذبتَ، ولكنك منافقٌ، لأُخْبِرَنَّ رسول الله ﷺ، فذهب عوفٌ إلى رسول الله ليُخبره، فوجد القرآن قد سبَقه، قال زيد: قال عبدالله بن عمر: فنظرتُ إليه مُتعلقًا بحَقَب ناقة رسول الله ﷺ تنكبُهُ الحجارة، يقول: ﴿إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ﴾ (١)، فيقول له النبيُّ ﷺ: ﴿أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾ (٢)، ما يَزيدُه (٣).
وقد نهى الله عن هذا الفعلِ القَبيحِ فقال: ﴿وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا﴾ (٤)، وبَيَّن سبحانه أن القدْحَ في الدين والاستهزاءَ به - خصوصًا شعائره التعبدية - هو ما كان عليه المشركون والكفَّار المخالفون للمسلمين، فإذا نادَوْا للصلاة اتخذوها هزوًا ولعبًا؛ لعدم عقلِهم ولجهلهم العظيم، فقال سبحانه: ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ﴾ (٥)، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
(١) [التوبة: ٦٥].
(٢) [التوبة: ٦٥].
(٣) تفسير جامع البيان (١٤/ ٣٣٣).
(٤) [البقرة: ٢٣١].
(٥) [المائدة: ٥٨].
1 / 248