Springs of the Pulpit: A Collection of Sermons and Articles - Volume 1
ينابيع المنبر مجموعة خطب ومقالات المجموعة الأولى
Genre-genre
دعوات إبراهيم ﵇ ووصيتِه لبنيه (٢)
ويليها عن فضل عشر ذي الحجة
إنَّ الحمد لله ..
أَيُّهَا الأخوة: كان الحديثُ في الجمعة الماضية عن طَرَفٍ من دعواتِ ووصية إمامِ الحنفاء ووالدِ الأنبياء خليلِ الرحمن إبراهيمَ ﷺ ..
فعندما ودَّعَ أمَتَه وابنَه دَعَا بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ التي لا تقتصر عليهما فحسب، بل عمَّتِ المكانَ الطاهرَ والذريةَ الطيبةَ والمؤمنين جميعًا، وبَقِيَتْ بركاتُ إجابةِ اللهِ تعالى لهُ ما بَقِيَتْ الدنيا فسبحانَ من ألهمَه جوامع الدعاء.
قَالَ: ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (٣٥) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (١).
فهنا رَبطَ بين الأمن وتوحيدِ الله تعالى فهما متلازمان .. وهذه سُنَّة كونية وشرعيَّة. قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ (٢) - يعني بشرك (٣) - ﴿أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ (٤).
_________
(١) [إبراهيم: ٣٥، ٣٦].
(٢) [الأنعام: ٨٢].
(٣) ورد تفسير ذلك بحديث ابن مسعود ﵁: قالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَقَالُوا أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيْسَ هُوَ كَمَا تَظُنُّونَ إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ». متفق عليه، صحيح البخاري (١/ ١٥ - ٣٢)، ومسلم واللفظ له (١/ ١١٤ - ١٢٤).
(٤) [الأنعام: ٨٢].
1 / 13