أَخْلَاق الرئيس من أَخْلَاق النَّاس
وَيَنْبَغِي لمن عَنى بتعرف مناقبه ومثاله أَن يفحص عَن أَخْلَاق النَّاس ويتفقد شيمهم وخلائقهم ويتبصر مناقبهم ومثالبهم فيقيسها بِمَا عِنْده مِنْهَا وَيعلم أَنه مثلهم وَأَنَّهُمْ أَمْثَاله فَإِن النَّاس أشباه بل هم سَوَاء كأسنان الْمشْط
فَإِذا رأى المنقبة الْحَسَنَة فَليعلم أَن فِيهِ مثلهَا إِمَّا ظَاهِرَة وَإِمَّا مغمورة فَإِن كَانَت ظَاهِرَة فليراعها وليواظب عَلَيْهَا حَتَّى لَا تبيد وَلَا تضمحل وَإِن كَانَت مغمورة فليثرها وليحيها وليحافظ على استدعائها فَإِنَّهَا تجيب بِأَهْوَن سعي وأسرع وَقت وَإِذا رأى المثلبة وَالْعَادَة السَّيئَة والخلق اللَّئِيم فَليعلم أَن ميلها رَاهن لَدَيْهِ إِمَّا باد وَإِمَّا كامن فَإِن كَانَ باديا فليقمعه وليقهره وليمته بقلة اسْتِعْمَاله وَشدَّة نسيانه وَإِن كَانَ كامنا فليحرمه لِئَلَّا يظْهر
الثَّوَاب وَالْعِقَاب للنَّفس
وَيَنْبَغِي للْإنْسَان أَن يعد لنَفسِهِ ثَوابًا وعقابا يسهوسها بِهِ فَإِذا أَحْسَنت طاعتها وسلس انقيادها لما يسومها من قبُول الْفَضَائِل وَترك الرذائل إِذا أَنْت بِخلق كريم أَو منقبة شريفة أثابها بأكثار حمدها وجلب السرُور لَهَا وتمكينها من بعض لذاتها وَإِذا ساءت طاعتها وَامْتنع انقيادها وجمحت فَلم يسلس عنانها وآثرت الرذائل على الْفَضَائِل وَأَنت بِخلق لئيم أَو فعل ذميم عاقبها بأكثار ذمها ولومها وجلب عَلَيْهَا شدَّة الندامة ومنعها لذتها حَتَّى تلين لَهُ
1 / 92