تاني ليلة الشيطان لعب في عبي، قلت يجرى إيه يعني لو جربت الزمارة دي؟ حطيتها على بقي وقلت يا بركة سيدي توت.
فقلت ضاحكا: ليه؟ هو شيخ؟
فقال وهو يتعجب من جهلي: ومن أولياء الله كمان.
فأحبيت أن أجاريه في قوله: أهل زمان كلهم بركة.
فأطرق برأسه مؤكدا كلامي: أمة لا إله إلا الله ما تخفش عليها. القصد، نرجع للزمارة. سميت ونفخت فيها. حاكم أنا لي صنعة في المزامير دي. طول عمري ما حدش يغلبني على الأرغول. أنا نفخت فيها من هنا. - طلع منها صوت؟ - صوت؟ قول رعد، برق! زي ما تكون السما انطبقت على الأرض. توت توت. اتهيألي إن الفراعنة كلهم صحوا، زي الجن المسلسلين اللي ربنا ها يفرج عنهم يوم القيامة. اتلموا علي من كل ناحية. أنا قلت تروح على فين يا إبراهيم، تيجي منين يا إبراهيم؟ - وتوت، ما كانش معاهم؟! - جاي لك أهه. الفراعنة طبقوا على نفسي. شوف أنت بقى ما هم فراعنة، وسرهم باتع. أنا قلت خلاص، رحت يا إبراهيم في شربة مية، واللي كان كان. اتلموا حوالي يضحكوا، ويشاوروا علي، ويرطنوا بكلام، ما أنا عارف هما بيقولوا إيه. - يمكن بيتكلموا هيروغليفي؟ - عليك نور. أهو كلام كده زي نبش الفراخ! - وما ردتش عليهم؟ - وأنا أروح فين في وسطهم؟ ده كلهم لسانهم فصيح. وشوية وألاقي الوش المنور جاي من بعيد. - توت عنخ؟ - بلحمه ودمه! راكب على عربية مزوقة، فشر الحناطير بتاعة الأيام دي، جاررها فرس عربي أصيل، والخدم والحشم والعبيد حواليه. وعنها ويخش في وسط الأمم دي، وهو بيزعق: اوعى يا جدع انت وهوه. - كان بيتكلم عربي؟ - أيوة أمال! هو بس اللي بيعرف عربي! - وسلمت عليه طبعا؟ - أقول لك الحق، ما جاليش قلب! - وهو ما كلمكش؟ - فضل يتحايل علي، ويقول لي قوم يا عم إبراهيم، عشان خاطري يا عم إبراهيم. أقوله أروح فين يا سيدنا توت. يقول قوم معايا، الرجالة بتوعي أهم. قلت له أنا راجل غلبان يا عم توت، ما أقدرش أسيب أكل عيشي. قال لي قوم ما لكش دعوة. أنت هاتنفخ في الزمارة وبس. الناس كلها تصحى من عز النوم. قلت له دا نايمين من زمان يا عم توت. قال لي أمة محمد بخير. قلت له يا عم توت، أنا باجري على ولايا، روح أنت لوحدك. - ضروري زعل منك.
فسرح ببصره قليلا كأنه يندم على فرصة فاتت ولن تعود، وعاد يقول: زعل بس؟ طيب دا وشه اللي زي البدر اتعكر وبقى لون الأرض. ركب عربيته وقال: سوقوا يا عبيد. والناس مشت وراه. الأرض دي مش سايعاهم. ما أقولكش بقى على التراب اللي طالع من تحت رجليهم. - وفضل مخاصمك كتير؟
فمال عم إبراهيم ليشعل شمعة أخرى بعد أن ذبلت الأولى وكادت أن تختنق: الحق لو واحد غيري وعمل معاه الفصل ده ما كانش كلمه طول عمره. - لو أنا منه ما أوركش وشي أبدا. - الراجل اللي يعرف ربنا ما تخافش عليه أبدا. ما فيش ليلة والثانية وألاقيلك اللي بيهزني في نص الليل. - توت عنخ؟ - أنا بصيت في وشه ما عرفتوش أصفر زي الليمون. وعينيه داخلة لجوه، ولا الأموات! متعفر، وهدومه مقطعة، وحالته تصعب على الكافر. قلت له مالك يا عم توت، كفى الله الشر. قال لي أنا مت خلاص يا عم إبراهيم. بصيت حواليه لا لقيت خدم ولا حشم. قلت الله! أنت جاي ماشي ولا إيه؟
قال: الكفرة يا عم إبراهيم! الكفرة أخذوا مني كل حاجة. ألاقيش عندك لقمة؟
وأنت عاوز الحق؟ أنا قلبي انقبض من الكلمة دي. سيدنا توت جعان، يا دي الكسوف يا ولاد. القصد، قعدته جنبي، ودورت على حاجة تنفع للأكل. لقيت لقمتين عيش بايتين من العشاء، وحتة جبنة قديمة. دخلت جيبت له القلة من جوه. الراجل أكل وشرب وحمد ربنا. أمال؟ أهل زمان كانوا باكيين على النعمة. بصيت في وشه لقيته متغير قوي، وعيني دي، اللي ما يملاها إلا التراب اتمدت وبصت على رجليه. تعرف وحق من خلق السما بلا عمد، لقيته حافي.
فهتفت بغير إرادة مني: توت عنخ آمون حافي؟ - زي ما بأقولك كده. ميلت عليه. ومديت إيدي حسست على ضهره. لقيته خاسس قوي. - لازم كان راجع من سكة سفر بعيدة.
Halaman tidak diketahui