وفي مجرى النص العربي أرقام ترجع إلى تعليقات، وتهدي إلى مصادر يصيبها القارئ الطلعة في ذيل النص؛ فهنالك وثائق تنقلب إلى أيام نضرت فيها الحضارة الإسلامية، ورقت حاشيتها العربية، وثلاث الوثائق ظلت دفينة في بطون المخطوطات حتى اليوم:
الوثيقة الأولى صاحبها أبو علي الفارسي، من أهل المائة الرابعة للهجرة، وهي تشهد بأن تحريم التصوير في الإسلام مقيد؛ إذ يجري حكمه عند إجماع العلماء في عهد المؤلف «على من صور الله تصوير الأجسام»، فمن صنع غير ذلك «لم يستحق الغضب من الله، والوعيد عند المسلمين.» وهكذا يتقدم نص الفارسي بين يدي نهضتنا الفنية، فيزيد في إطلاق جناحها الوثاب. والوثيقة الثانية من المائة نفسها، يلمع فيها صاحبها، وهو الفارابي الفيلسوف، إلى أن المصورات شريفة الوقع في الخاطر، جليلة النفع للنفس أحيانا. وأما الثالثة فمقتطفة من كتاب «مفرج النفس» للمظفر بن قاضي بعلبك المتوفى في المائة السابعة، بعد أن تصرف في الكتاب طبيب مغمور يقال له ابن المرة، وفي هذه الوثيقة شرح لانفعالات النفس اللطيفة بأصناف الألوان، فإما ابتهاج وإما اغتمام، ومن عجيب التوارد أن هذه المسألة الداخلة في علم النفس المتصل بوظائف الأعضاء مما يشغل الآن علماء الغرب.
وإلى جنب هذه الوثائق المطوية فقرة منشورة في كتاب «الحيوان» للجاحظ، تسوق الذهن إلى أن الفنان المسلم إذا تخيل صورا مستطرفة، فكأنه يلمح بلحظ الغيب إلى ما يخلقه الله العلي القدير من أشكال لم يبلغ إليها علم.
هذا، ولعل في كل ذلك ما يعود على ثقافتنا الحاضرة ببعض الفائدة.
بشر فارس
من أعضاء المجمع العلمي المصري
والمعهد الفرنسي للآثار الشرقية
القاهرة، أغسطس 1951
سر الزخرفة الإسلامية
1
Halaman tidak diketahui