قال: «وانظر (١) سيرة نبينا ﷺ وخُلقه في المال تجده قد أوتي خزائنَ الأرض ومفاتيح البلاد وأُحلّت له الغنائم، ولم تحل لنبيٍّ قبله، وفتح عليه في حياته ﷺ بلاد الحجاز واليمن وجميع جزيرة العرب، وما دانى ذلك من الشام والعراق (٢)، وجُلِب (٣) إليه من أخماسها، وجِزيتِها، وصدقاتها، ما لا يُجبى للملوك إلا بعضه، وهادته (٤) جماعةٌ من ملوك الأقاليم، فما استأثر بشيءٍ منه، ولا أمسك منه درهمًا، بل صرفه مَصَارفَه، وأغنى به غيرَه، وقوّى به المسلمين، وقال: «ما يسرّني أنّ لي أُحُدًا ذهبًا يبيت عندي منه دينارٌ، إلا دينارًا أرصِده لدَيْنٍ» (٥)، انتهى، والله الموفق.
وأيضًا فالناس مُختلفون، فمنهم من تُصلِحه الدنيا ويصلُح عليها، ولا يزدادُ بها إلا فضلًا وتواضعًا، كما نشاهده في أفرادٍ.
وقد كان قيس بن سعد الأنصاري ﵄ يقول: اللهم ارزقني مالًا وفِعالًا، فإنه لا يَصلح المالُ إلا بالفِعال، ولا الفِعالُ إلا بالمال، اللهم إنه لا