يحتاج إلى قصد المتكلم به واستعماله فيما قررته المواضعة ولا يلزم على هذا أن تكون المواضعة لا تأثير لها لأن فائدة المواضعة تمييز الصيغة التي متى أردنا مثلًا أن نأمر قصدناها. وفائدة القصد أن تتعلق تلك العبارة بالمأمور وتؤثر في كونه أمرًا له. فالمواضعة تجري مجرى شحذ السكين وتقويم الآلات والقصد يجري مجرى استعمال الآلات بحسب ذلك الإعداد.
والكلام على ضربين مهمل ومستعمل: فالمهمل هو الذي لم يوضع في اللغة التي قيل له مهمل فيها لشيء من المعاني والفوائد. والمستعمل هو الموضوع لمعنى أو فائدة. وينقسم إلى قسمين: أحدهما ماله معنى صحيح وأن كان لا يفيد فيما سمى به كنحو الألقاب مثل قولنا: زيد وعمرو.
وهذا القسم جعله القوم بدلًا من الإشارة. والفرق بينه وبين المفيد أن اللقب يجوز تبديله بغيره وتغييره واللغة على ما هي عليه والمفيد لا يجوز ذلك فيه. والقسم الثاني هو المفيد وهو على ثلاثة أضرب: أحدها أن يبين نوعًا من نوع كقولنا: كون ولون. وثانيهما أن يبين جنسًا من جنس كقولنا: جوهر وسواد. وثالثها أن يبين عينًا من عين كقولنا: عالم وقادر. والمفيد من الكلام ينقسم إلى قسمين: حقيقة ومجاز. فاللفظ الموصوف بأنه حقيقة هو ما أريد به ما وضع لإفادته. والمجاز هو اللفظ الذي أريد به مالم يوضع لإفادته. والكلام المفيد يرجع كله إلى معنى الخبر. ومتى اعتبرت ضروبه وجدت لا تخرج عن ذلك في المعنى. أما الجحود والتنبيه والقسم والتمني والتعجب فالأمر في كونها أخبارًا في المعنى ظاهر وأما الأمر فيفيد كون الأمر مريدًا للفعل فمعناه معنى الخبر. والنهي يفيد أنه كاره فهو أيضًا كذلك. والسؤال والطلب والدعاء يجري هذا المجرى.
والعرض فهو سؤال على الحقيقة فأما النداء فقد اختلف فيه فقيل معنى: يا زيد أدعو زيدًا وهذا على الحقيقة خبر. وقيل
1 / 43