فصل في الكلام
الكلام اسم عام يقع على القليل والكثير. وذكر السيرافي أنه مصدر والصحيح أنه اسم للمصدر والمصدر التكليم قال الله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ ١ ولعل أبا سعيد تسمح في إيراد ذلك وقاله مجازًا. فأما الكلم فإنه اسم يدل على الجنس هكذا مذهب أهل النحو في الأسماء التي يكون فيها الاسم على صورتين تارة بالهاء وتارة بطرحها نحو تمرة وتمر وبسره وبسر وما أشبه ذلك. على أن بعضهم قد جعل الكلم جمع كلمة لكن الأحرى على مذهبهم ما ذكرناه.
والكلمات جمع كلمة وقد حكى كلمة وجمعها كلم. وروى أبو زيد أن العرب تقول الرجلان لا يتكالمان يريد: لا يتكلمان ٢. وقد استدل على أن الكلام ليس بمصدر بأن الفعل المستعمل منه إنما هو كلمت وفعلت يأتي مصدره في القياس على مثال التفعيل نحو: كسرت تكسيرا ولا يأتي مصدره في القياس على مثال التفعيل نحو: كسرت تكسيرا ولا يأتي على لفظ آخر.
والكلام عندنا على ما انتظم من هذه الحروف التي ذكرناها أو غيرها على ما بيناه من أننا لا نذكر إلا حروف اللغة العربية دون غيرها من اللغات. وحده ما انتظم من حرفين فصاعدًا من الحروف المعقولة إذا وقع ممن تصح منه أو من قبيله الإفادة. وإنما شرطنا الانتظام لأنه لواتي بحرف ومضى زمان وأتى بحرف آخر لم يصح وصف فعله بأنه كلام. وذكرنا الحروف المعقولة لأن أصوات بعض الجمادات ربما تقطعت على وجه يلتبس بالحروف. ولكنها لا تتميز وتتفصل كتفصيل الحروف التي ذكرناها.
واشترطنا وقوع ذلك ممن يصح منه أو من قبيله الإفادة لئلا يلزم عليه أن يكون ما
_________
١ سورة النساء الآية ١٦٤.
٢ مادة تكالما تدل على المشاركة بخلاف مادة تكلم فلا يجوز تفسير الأولى بالثانية.
1 / 32