196

Rahsia Kefasihan

سر الفصاحة

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الطبعة الأولى ١٤٠٢هـ_١٩٨٢م

طرف من التأمل ودقيق الفكر فإن هذا عندي عيب في الكلام ونقص على ماأبينه فيما بعد وقد دللت على اختيار الإيجاز والاختصار بما تقدم ويدل عليه أيضًا أن من اختار الإطالة وسماها التذبيل إنما حجته في ذلك أنه اعتبر الكلام بالإضافة إلى المخاطب به وليس للمخاطب تأثير في حسن تأليف الكلام وقبحه ولو جاز أن يعتبر الكلام بالإضافة إلى المخاطب لجاز أن يعتبر بالإضافة إلى المخاطب به حتى يكون ذلك مؤثرًا في صحته أو فساده وحسنه أو قبحه وكنا نستحسن كلام العالم العاقل وإن كان ردئ التأليف ونستقبح كلام الجاهل وإن كان في أعلى طبقات الفصاحة حتى يكون شعر أبي عثمان الجاحظ وأبي إسحاق النظام أعظم عندنا من شعر أبي حية النميري ومن جرى مجراه وهذا مما لا يدخل في مثله شبهة. وسنتكلم على من يعتبر الكلام بالإضافة إلى زمان قائلة حتى يقدم كثيرًا من المتقدمين على المحدثين بمجرد تقدمهم بما نستوفي الحجة فيه ونزيل موقع الشبهة وإن كانت ضعيفة لا تخفى على من طباعه سليمة وبنيته صحيحة. وذكروا أن جعفر بن يحيى بن خالد١ كان يقول لكتابه: إن استطعتم أن يكون كلامكم كله مثل التوقيف فافعلوًا فهذا أمر لهم بالإيجاز وتجنب الإطالة وقد كان جعفر كبيرًا في هذه الصناعة. فأما قول قيس بن خارجة الفزاري لما قيل له ما عندك في حمالات داحس. قال: عندي قرى كل نازل ورضي كل ساخط وخطبة من لدن تطلع الشمس إلى أن تغرب آمر فيها بالتواصل وأنهى عن التقاطع. فليس

١ هو جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي أبو الفضل وزير الرشيد العباسي ولد في بغداد سنة ١٥٠هـ وعندما نقم الرشيد على البرامكة قتله سنة ١٨٧هـ هو أحد الموصوفين بفصاحة اللسان وبلاغة القول قالوا في وصف حديثه: جمع الهدوء والتمهل والجزالة والحلاوة وإفهاما يفتيه عن الإعادة.

1 / 208