النكرة بالمعرفة١ والثاني: إضافة الموصوف إلى صفته والصفة عند النحويين هي الموصوف في المعنى ومحال أن يضاف الشيء إلى نفسه٢. إلا أن أبا العباس المبرد ذهب في ذلك إلى أن المعجم بمنزلة الإعجام كما تقول: أدخلته مدخلا أي إدخالا. وكما حكى أبو الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش: أن بعضهم قرأ: ﴿وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ﴾ ٣ بفتح الراء أي من إكرام. فكأنهم قالوا - على هذا الوجه: حروف الإعجام. ولم يجز أبو الفتح عثمان بن جنى أن يكون قولهم: حروف المعجم بمنزلة قولهم صلاة الأولى ومسجد الجامع. قال: لأن معنى ذلك: صلاة الفريضة الأولى ومسجد اليوم الجامع فهما صفتان حذف موصوفاهما وأقيما مقامهما وليس كذلك حروف المعجم لأنه ليس معناه حروف الكلام المعجم ولا حروف اللفظ المعجم. وليس يبعد عندي ما أنكره أبو الفتح بل يجوز أن يكون التقدير: حروف الخط المعجم لأن الخط العربي فيه أشكال متفقة لحروف مختلفة عجم بعضها دون بعض ليزول اللبس. وقد يتفق في غيرها من الخطوط أن تختلف أشكال الحروف فلا يحتاج إلى النقط فوصف الخط العربي بأنه معجم لهذه العلة. وقيل: حروف المعجم أي حروف الخط المعجم كما يقال: حروف العربي أي حروف الخط العربي وليس يمكن أن يعترض على هذا القول بأن يدعى أن وضع كلام العرب قبل خطهم وأن التسمية كانت لحروفه بحروف المعجم من حين تكلم به لأن قائل هذا يحتاج إلى إقامة الدلالة على ذلك وهي متعذرة لبعد العهد وفقد الطرق التي يتوصل بها إلى معرفة ذلك لا سيما إثبات التسمية لهذه الحروف بأنها حروف المعجم
_________
١ الممنوع نعت النكرة بالمعرفة وما هنا من باب الإضافة.
٢ إضافة الموصوف إلى صفته ليست من إضافته الشيء إلى نفسه لما بينهما من المغايرة التي تجعل هذا موصوفا وذلك صفة.
٣ سورة الحج الآية ١٨.
1 / 25