Sirat Mustaqim
الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم - الجزء1
Genre-genre
وأقول لو لم يوجد في القرآن ما يدل على فعل العبد ولا آية لكان في صريح العقول عن ذلك كفاية ويجب تأويل مخالفها لأن الله تعالى أنزل القرآن حجة لنبيه ولو انتفى فعل العبد أو حتمه الرب لكان محجوجا به بأن يقول الكافر كتابك شاهد لي بعدم قدرتي فاللوم لازم لك ومنتف عني ونحن نورد طرفا من الآيات التي تمسك الخصم بها ونشير إلى شيء من تأويلها منها ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك قالوا المراد بالحسنة الخصب وبالسيئة الجدب ولهذا قال أصابك ولو أراد الفعل قال أصبت لأنك تصيب الحسنة أما الخصب والجدب فإنه يصيبك لا تصيبه قلنا سلمنا أن المراد الخصب والجدب ولكن لا يضرنا وقد قال مقاتل ما أصابك من المكروه فمن نفسك لأنك وليت وجنيت وعلى قولنا فما أصابك من سيئة فمنك لأنك السبب فيها وقد قال الله ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ولو كان الكل منه تعالى لم يصح أن يقول فمن نفسك ولبطلت القسمة المذكورة وقد ذكر أبو العالية وأبو القاسم وهما من أئمة المفسرين أن المراد بالحسنة الطاعة وقعت بتوفيق الله وترغيبه وبالسيئة المعصية وقعت بخذلانه للعبد على وجه العقوبة له قولهم لو أراد الطاعة والمعصية لقال أصبت قلنا ما أصابك قد أصبته قال السخاوي في شرح الشاطبية في تفسير فتلقى آدم من ربه كلمات ما تلقيته فقد تلقاك ومن الأفعال ما يستوي فيه الإضافة فتقول نالني كذا ونلت كذا قال شاعر
إذا أنت لم تعرض عن الجهل والخطإ
أصبت جميلا أو أصابك جاهل
Halaman 24