Sirat Muluk Tabacina
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Genre-genre
فلقد كان حنظلة على شاكلة زرقاء اليمامة، التي أرداها التبع تحت سنابك خيله، وهي تكيل له السباب. - الغلبة لله، أيها الخصي.
كان مستبصرا بالخطر الكامن المستتر البادي في الأفق الذي أصبحت - تبيته - هذه البلاد الشاسعة المتضاربة التضاريس، ما بين البحر الهائج المتمرد، والبوادي وحياة المدن والجبال الشاهقة، والتي لن يهدأ لأهلها بال إلا بطرد الغزاة واسترداد أراضيهم وكياناتهم، مهما طال البقاء للتبع وصفا باله وزمانه.
وكان للوزير الحكيم كل الحق في تصوره الذي تمرد عليه التبع المفتون بما حققت سواعده.
ذلك أن التغلبيين ومجاوريهم من بني مرة، كانوا قد عقدوا النية والمقصد على الانتقام لموتاهم وتحرير بلدانهم من مدخل «الحيلة والخداع» الذي تشرعه وتبيحه كل حرب، بدلا من المواجهة غير المتكافئة مع التبع الغازي وجيشه والتي أصبح لا طائل منها.
وهكذا تربصوا في الخفاء للانتقام، بينما أظهروا الخضوع ومداهنة التبع علنا وفي وضح النهار.
وجاءتهم فرصتهم سانحة دون كثير عناء ذات يوم حين وصلت إلى أذني التبع حسان أخبار ذلك الزواج - السياسي - بين الأمير كليب بن ربيعة الذي اغتال التبع والده صلبا على بوابات دمشق، وبين ابنة عمه الأميرة الجليلة بنت مرة، التي تحدث الشعراء بجمالها وفتنتها الآسرة.
فما كان من التبع إلا أنه استشاط غضبا وطلب عدم إتمام الزواج مهما كلف الأمر من تضحيات.
بل أرسل من فوره يخبر والدها باستعداده هو ذاته - حسان - للزواج من الجليلة، بدلا من ذلك «العاصي» المدعو كليب.
من هنا حانت ساعة انتقام «كليب» من التبع واقتراب موعد تنفيذها بكل حرص، معلنا للأمير «مرة» والد الجليلة، مدى حرصه على أهمية التعجيل بهذا العرس - العجب - بين خطيبته وحبيبته الجليلة وبين ذلك الملك حسان المنتصر، معلنا في تهكم: أين نحن من عتبات الملك حسان؟! وتزايد عجب الأمير مرة أكثر، حين طالبته الجليلة ذاتها، التعجيل بإرسال موافقتها على الزواج من التبع حسان. - بل هما - أي كليب والجليلة - وضعا خطتهما لإتمام ذلك العرس، ودعما خطتهما بإرسال مختلف الشعراء والدلالين الذين لا هم لهم سوى التحدث بمحاسن الجليلة ومفاتنها وصوتها الشجي النادر الذي تحن له طيور السماء الصداحة قبل البشر.
أما التبع حسان فكان كلما وصلته أخبار الجليلة ومدى حسنها وبديع شمائلها تزايدت لوعته ولهفته ليحوزها حليلة، محققا بذلك هدفين:
Halaman tidak diketahui