Sirat Muluk Tabacina
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Genre-genre
امتطي ظهر فرسه - سحب - مطلقا العنان لكوكبة فرسانه في إثره، إلى أن وصل قصر أخيه التبع الحاكم حسان، مترجلا مقتحما ردهات القصر الذي أصبح يشيع فيه الصمت المحمل بالأسى، نتيجة لأحزان التبع الجديد وصراعاته.
إلى أن لحق بأخيه حسان داخل مخدعه، وكان ساعتها يستبدل في إعياء أرديته ولباسه، استعدادا للإغفاء دون أن يراوده النوم كالعادة.
حتى إذا ما طرق عمرو الباب فاتحا داخلا، استدار إليه حسان مرتعدا محملا بكل غضب صارخا مخفيا وجهه بين كفيه كمن يعاني ألما دفينا يطحنه طحنا: ابتعد عني، ابتعد!
تراجع عمرو كالمشدوه من قسوة طرد أخيه له من بيته على هذا النحو الفادح. - أبتعد عنك يا حسان، يا أخي، تطردني؟! - اذهب، اذهب عني، لا ترني وجهك!
صرخ الملك التبع ملتاعا: امنعوه.
هنا اندفعت جوقة الحرس التي انشقت عنها الجدران محيطة بعمرو المرتعد وهم يسحبونه في رفق إلى حيث البوابة الخارجية لقصر التبع.
فهو متعب هذه الليلة.
وبدأت حالة الأخ الأصغر عمرو الصحية تسوء تباعا، وكان شاعرا رقيق الشمائل ظل طيلة سنوات شبابه منكبا على الأسفار والترحال في متاهات العالم القديم مشرقا ومغربا، بحثا عن كنوز المعرفة ودفائنها والاستفادة من كل ما يجيء به من إبداعات.
فهجر نابذا منذ صباه صراعات القصور تلك، متخليا هائما لا يبغي من عالمه سلطة أو جاها سوى مصادقة المخطوطات التي كان قد احتمل لتملكها كل الصعاب، ولو كانت في متاهي الأرض.
لذا لزم عمرو فراشه داخل قصره عقب تطاول شقيقه الأكبر عليه إلى حد طرده دون رجعة من مخدعه. - أبعدوه! وبكته زوجته - وابنة عمه - الصغيرة، حاملة بين صدرها وليدهما الطفل الصغير «ذو اليزن» دون أن تدري لمرضه المفاجئ سببا واحدا يشفي غليلها، سوى تلمس بعض شذرات تجيء من هذيانه الليل بطوله. - تطردني يا حسان، يا أخي.
Halaman tidak diketahui