Sirat Muluk Tabacina
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Genre-genre
وبدأت الأخبار المتوالية الوصول تطرق كل الأسماع حول حصار أحمرا وملكتها قمرية، وهو ما أقلق مضاجع سيف إلى حد الفزع، وأفضى به في النهاية إلى اتخاذ قرار المسير عبورا من أقصر الطرق باتجاه الحبشة ذاتها ثم أحمرا.
وخلال المسير الذي استغرق بضعة أسابيع طويلة واصل فيها سيف اليزن سيره المؤرق ليل نهار.
وفشلت كل جهود شامة في التخفيف من أعبائه إلى أن اقترحت عليه اتخاذ بلادها وموطنها منطلقا للجيش العربي؛ نظرا إلى قربها محققة بذلك هدفها الدفين الذي أصبح يشدد في عضدها، وهو الانتقام لوالدها الطيب الذي اقتاده الأحباش أسير مقيدا بذيول خيولهم عاري الرأس والقدمين إلى أن تم صلبه مقلوبا رأسا على عقب على بوابات إثيوبيا.
مما دفع بسيف إلى التعديل من خطته، مقسما جيشه إلى فيلقين:
أولهما اتخذ اتجاهه إلى شرق بلاد الحبشة ذاتها، بقيادته مستخدما حيله الماهرة التي عرفت عنه في «حرب النيل»، بينما سار الفيلق الثاني باتجاه «أحمرا» وما يتبعها من أقوام أفريقية.
حتى إذا ما حانت لحظة الافتراق بفيالقه مسرعا عن شامة لتنفيذ تهديداته الخلفية لجيش الحبشة والانتهاء منها بأقصى سرعة يمكن تحقيقها، اتخذ طريقه على الفور للحاق بالفيالق المتجهة إلى نجدة المدينة العربية وملكتها المحاصرة «قمرية».
ولكم صعبت لحظة الافتراق هذه على شامة عندما ودعت سيف ذلك الغرام الطاغي الذي تملكها أكثر وتضاعف لهيبه منذ توالي ما مر بها من أحداث جسام.
فتذكرت حين أنقذها من ذلك الموت العاهر بين براثن - مقلقل - ابن سيف أرعد، ثم إفلاتهما معا عبر وهج المعارك والمخاطرات للخلاص من الشر.
وهكذا سرعان ما اندلعت سريعا المعارك، حين غير سيف بن ذو اليزن هيئته كلية بدءا من شعر رأسه «الأكرت» الجعد وانتهاء بلون وجهه ويديه وبدنه بكامله، ثم دخل الحبشة، وهو على دراية كبرى بمسالكها، منقضا على مقتلها باستخدام نقيضين لا غيرهما: الغرق والعطش.
فحقق انتصاره، وأحدث الذعر الجارف في ربوع البلاد المترامية، التي ما إن وصلت أنباؤهما إلى أسماع ملكها سيف أرعد، وهو على مشارف تحقيق نصره وحلمه الطاغي، باقتحام أسوار عاصمة «بدو المشرق» والإمساك برأس الأفعى «قمرية» حتى تهدم كل شيء كمثل معبد قديم تهاوى على رأسه الكبيرة. - جنون ... الخيانة ... الخيانة!
Halaman tidak diketahui