قال الراوي: والسبب في ذلك أن معمر بن مقداد لما تحقق ما جرى في الحصبات من القتل والكسيرة على أمير المؤمنين عليه السلام وقوة العدد وقربه من البلاد سولت له نفسه المحطة على الجاهلي وحصون الحدم وشاور القوم على ذلك وزعم أنه يأخذها من غير إطالة فجمع جمعا من أهل بلاده وأصبح قد لزم المراصد والطرقات على الحصون وعضده على ذلك السلطان الحسام بن صعصعة وغيره من أهل مسور وفي خلال لك نهض العدو من محطة الأشمور قاصدا للظاهر وبلغ ذلك أمير المؤمنين فنهض من ساعته إلى موضع يسمى بيت علمان في أعلى سقف الحدم وبلاد بني أزد، وقد كان وصل اليه في تلك الأيام عسكر من بني شهاب ومن بني الراعي ومن عيون المسلمين من الحليلة وغيرها لما علموا بمصاب من أصيب في الحصبات في سبيل الله يواسون بنفوسهم في تلك الحال والشدة قد كان وصولهم مما أمد الله به أمير المؤمنين عليه السلام وكان أمير المؤمنين في خلال خلاف معمر بن مفدا يراسله ويدعوه إلى الله تعالى ويعذله ويعذر إليه فلا يلتفت إليه ولا يجيبه بجواب يشفيه، فلما رأى أمير المؤمنين صعوبة الأمر وأنه لم ينتقم لدين الله منه فإن غيره من أهل البلاد يقتدي به ففيهم من هو أكبر مالا وأرفع حالا وأعظم رجالا فكان في آخر الليل، وهبط أمير المؤمنين من بيت علمان جبالا شماريخا متطاولة وطرقا متضايقة ولم يعلم به كثير ممن معه حتى قد صار في بعض الطريق فلحقه الناس حتى إذا صار في موضع تحت حصن يفور المحروس ونصبت هنالك الأعلام وتلازم الناس القتال وقد كان القوم لزموا مراصد للناس فاشتد القتال ونضحهم المسلمون بالنبل حتى لم يستقروا في موضع بل يتزايلوا ميمنة وميسرة وعند ذلك شد المسلمون عليهم شدة رجل واحد وخرج أهل الحصن المحروس بالجاهل مصلتين سيوفهم لما رأوا عددهم مال عن مركزه فلم تمض ساعة من نهار حتى صار القوم بين قتيل وجريح وأسير وطريد فطار منهم من طار من قلل الجبال وقتل منهم بالسيف عدد كثير وأتي بمعمر بن مفدا أسيرا وبولده بسر بن معمر، وأسر سليمان بن مرزوق على بقية حياة فلم يعش إلا ليلة ومات إلى غير رحمة الله، وأمر أمير المؤمنين بقتل معمر بن معدا فقتله السلطان مجاهد بن سليمان بأبيه وكان من جملة من لزم [.11ب-أ]فيما قيل السلطان الحسام بن صعصعه فبذل لمن وقع معه مالا فأخفاه. والله أعلم.
وعاد أمير المؤمنين غانما ظافرا فالحمد لله، وقال الأمير الكبير المخلص شجاع الدين أحمد بن محمد بن حاتم بعد وقعت حصبات وكتب بها إلى حلب المحروس:
عمري والفواد به عليل
لان نكث الورى جمعا ومالوا
نقيم علىبصايرنا سواء
ونضرب بالعواضب كل عاص
ونسعى للعلا قدماإذا ما
وننصر أحمد المهدي مهما ألالا تحسب الأعداء إنا
وإن القتل يجحلنا وإنا
نسل نفوسنا فوق المواضي
وإن يقتل حميد ذو المعالي
فقد قتل الحسين بكر بلا
وإ ن هزم الإمام فعن جذاع
لظاهرتم بني حسن عليه
وقد فلعت قريش مثل هذا
وقالوا مثلما قلتم كذوبا
وسوف يبيدكم مهدي عيسى
هو الرجل الذي جربتموه
ووقعت قارن وربا حضورا
وموسى شاهد وسليل يحيى
وفي عمر دولته اعتبار
فصبر من وقائعه جميلا
أراكم توقعون الناس حتى
بنو الحداد لما خالفوكم
كذلكم بنو الحجاج لما
وأن معمرا قد رام وعرا
وفي أكناف ذروتكم صريع
وكم من معشر وقعتموه
وأنتم تزعمون بان ملكا
وكم من نعمة شردت وزالت
خليلي اسمعا مني مقالا
وقولا معلنين إليه قولا
فخذكم لم يجبه بنو أبيه
واما ساحة المهدي ففيها
فأوقع في المخالف بالمواضي
وعاتبه الإله على الأسارى
وقل للشامتين قفوا قليلا
وماذا هاج وجدك والعوالي
ونحن كما علمت لدين الكعوب
وإن أوذي حميد حميد سعيا
وإن هال المصاب به فإنا
وسل قصر العليس يجبك منه
بأنة ما بطا بطا مسما
وراح ابن الرسول قرى حصى
ويوم سراقة يوم التقينا
سل الأحلاف من جنب بن سعد
ومن ذي جبلة حلفت وفينا
ولو مأرب وسبأ لغالت
وإن يكن صعدة أخذت جهارا
بنو الحداد قادروهم فسادا وقاد منا صاح الجيش جاء
Halaman 341