فقلت: وكم لك وقعة بالنصر أفنت أعادي أفسدوا وطغوا وغاثوا بغيثك ربنا فيها بغيث وقوم يستغيثوا لا يغاثوا (وافر) فقلت: اخترت شيخي للمديح محبة والغير عندي ليس بالمختار ومن الكرامة في الحروب نرى له صبر على الهندي والحظار بالنصر أغناه الكريم بفضله وبلوغ ما يهوى من الأوضار وإذا أراد الله أن يغني الفتى ألقى عليه الدر كالأمطار (كامل) [26] فدخل شهر رمضان. فأكرمته بالأمان، فرحلت إلى حمص بن معك من الفرسان الأعيان، لعلهم يرجعون وهم في طغيانهم يعمهون، فأقبل شوال فرجعت إليهم بنية القتال، بالفرسان والرجال، فأقبل الناصر للشر لا غير، فأصلح الله الأحوال والصلح خير، وهرب دمرداش إلى حلب، وهو في الطلب، فأنعمت على نوروز بالذهب، وأمرته بالتوجه إلى حلب، ورجعت إلى الشام، مؤيدا بالملك العلام، فلما أقبل السلطان، تركت له الأوطان.
[27] التوجه إلى البلستين في النوبة الأولى. فأخذت نوروز والعسكر والرجال، وطلبت بهم النجاة وحقنت الدماء بترك القتال، وسلكت بهم أصعب الدروب، وهي عليهم أسهل من الحربو، وجعل الله التصرف والتدبي إليك، وأجرى الخيرات على يديك، فرجع الناصر إلى حلب، وأقبل إليه من هرب، وهو في أمره حائر، وفي حكمه جائر، وجاولت في الطريق، وخلصك الله من المضيق.
[28] الدخول إلى القاهرة المحروسة في النوبة الثانية. فاختفيت من البلستين وظهرت من بين العروستين، وأقبلت عليك القلوب والخواطر، وسر بقدومك الغائب والحاضر، ونزلت في الميدان، وحصل بك الأمن ومنك الأمان.
[29] وقعة الكرك. فأقبل إليك العساكر ونصبوا لك الشرك، فنجاك الله تعالى ومن معك وحصنك في الكرك.
وقعة الحمام في الكرك. وغدروك اللئام، وأنت في الحمام، فخرجت إليهم خروج الضرغام، وسقيتهم كاسات الحمام، وألبستهم ثواب الهوان، وأنت عريان، وما هالك كثرتهم وأنت وحدك تقاتل، والحي ما له قاتل، فنجاك الله وما النصر إلا من عند الله، ورموا أرواحهم في الأصوار، والتحقوا بشعار العار، وتركوا نساءهم وعيالهم و(أورثكم أرضهم وديارهم)، فأقبل الناصر، وهو مغلوب في الأول والآخر، واجتهد في الحصار، ونقب الأصوار، وهم في شدة من النشاب والأحجار، فاشتد عليهم الحر والجوع، وشاوروا أنفسهم في الرجوع، وطلبوا مصالحة، بنية غير صالحة، فوافقت على ذلك، ونجاك الله ومن معك من ضيق المسالك في المهالك.
[30] نيابة حلب. وتوليت جلب، بغير طلب، فقبلت عليها، وأقبلت إليها، بالنصر والتأييد، والله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وعن قليل كتب الناصر إلى التركمان، وأمرهم بالمخالفة والعصيان، فما هالك ذلك، وشتت شملهم بفرسانك ورجالك، [31] فأخلف الميعاد، وخرج إلى مصر فما عاد، وأقبل إلى الشام، وسام وحام، وما بلغ المرام، فأقبلت إلى حمص واستدعيت نوروز، وانتظرت البروز، فأقبل عليمك الشاليش، وهم في غاية التشويش، فمنهم بكتمر وطوغان، وطلبوا منك الأمان، فبلغتهم المراد، وأمرتهم بالاجتهاد في الجهاد.
فخرج الناصر من بلاد الشام بالأثقال، يريد القتال، فارتحلت بالأثقال والجمال، والفرسان والرجال، فتفرقت عساكره في الجبال، وكثر القيل والقال، فنزلتم على اللجون، وأنتم في مجون، هم في غبون متفرقون، فركب الناصر، وما له من قوة ولا ناصر، وطلب القتال، فرأى الأهوال، وما اتسقر له القرار، حتى طلب الفرار، وغنموا النجاة بالهزيمة، فاحتويت على الغنيمة.
وقعة الشام مع الناصر. فدخل الشام خفيفا من الأثقال، متنقلا من حال إلى حال، لا فارسا ولا رجال، فاستخدم المشاة والرماه، وما علم أن البين بسهمه قد رماه، وأخذ برك نائب الشام وتقوى بمال الأنام، وعاش بعده قليلا من الأيام، واستعان بالأجلاب والعوام، وحصن القلعة والأصوار، وحصر نفسه بالحصار، فأقبلت إليه، وقد ضاقت الدنيا عليه، فاشتد القتال والحصار، في الليل والنهار، وفنيت الخزائن والأموال، وغرقت الأبطال، وكثر الحريق والأهوال، وطال المطال، وتقدمت الفرسان والرجال، وتقاربت الآجال، وتغيرت الأحوال، وضاق المجال، وانقلبت من القبيات إلى القنوات، فكانت أبرك الحركات، وملكت الإصطبل ودار السعادة، فلك البشرى بالحسنى وزيادة، وملكت البلد، ولم ينازعك فيها أحد، واستمر في القلعة أياما قليله، لا حيل ولا حيله، فسلم نفسه بالتمكين، ورماها للسكين، وكم ذبح من مسكين، وبشر القاتل بالقتل ولو بعد حين، فقلت: "كل من كان حاكما جار في الحكم أو عدل، عن قريب يرونه يلتقي مل ما عمل:، ففرقت النيابات والبات، وحليت المشكلات، كشفت المعضلات، ووليت نوروز الشام، ووصيته بالرعية والعوام، وتوجهت إلى القاهرة بالعساكر والأعوام، مؤيدا مدى الأيام.
الدخول إلى القاهرة المحروسة النوبة الثالثة.
قلت: الحمد لله عنا كاشف الكرب ومانح الأمن من بعد الخوف والنصب إذ أقل القوم في جيش بكثرته يضيق عنه فجاج الأرض باللجب جاءوا لحرب به ظنوا انتصارهم خابوا وقد رجعوا بالويل والحرب كم مالك ملك الله أيده بالفضل منه وبالنصر المبين حبي أما دمرداش ولى وهو منهزم لما رأى الجد منه فاز بالهرب يا فارس الخيل يا من حاز مكرمة بالسيف والضيف والخطي والقضب لولا عناية رب العرش قد ظهرت على يديك لكان الناس في تعب والسعد وافاك والأفراح دانية على الرعية والأعداء في غضب ومن يلذ بحماك الآن منتصرا ومن عصاك فلا ينجو من العضب فقت الملوك برأي أنت صاحبه سلمت يا صاحب الآراء بالأدب دخلت للشام منصورا ومنشرحا ونلت ما ترجي سعدا بلا تعب وجئت مصرا عزيزا في ملاحظة مؤيدا مالكا في أرفع الرتب وبدلوا أهلها من بعد خوفهم بالأمن والرزق والأفراح والطرب لكنهم قد دعوا والخلق أجمعهم وخالق الخلق من يدعوه يستجب عليك نور إلهي أشعته تغنيك من كثرة الحجاب والحجب يا لائمي لو ترى في الحرب موقعه في الرأس بالسعد والأعداء في الذنب دم العدى وصليل المرهفات له أحلى وأطيب من كأس على طرب وكم له وقعة والنصر خدمه بين الفوارس فيها جاء بالعجب وهذه الفرحة الكبرى قد ختمت كل الفوارس من مصر إلى حلب (بسيط) [32] الجلوس على الكرسي الشريف. فأفلح الله بك الأمور، ودفع بسياستك عن الخلق كل محذور، وبطلت عنهم الرمايات، والحمايات، وسلكت أحسن المسالك، فاختارك الله تعالى لملكه وحكمك في سائر الممالك، ونفذ أحكامك وصرفها في الآفاق، وكتمت الحواسد ما في صدورهم من النفاق، حتى تحرك طوغان بالطغيان، وظن أنه من الفرسان، وأن يوافقه أحد من الفرسان الأعيان، وما اعتبر بمن سبقه من الأقران، فما طلع عليه النهار واختفى ليلا فمسك جهار.
Halaman tidak diketahui