[7] وقعة الصبيبة الأولى مع نوروز. فخرج نوروز بجنوده من بين يديه ومن خلفه، كالباحث في حنقه بظلفه، فهو الظالم على نفسه وما أنت ظالم عليه، قال الله تعالى (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه)، وقصدوا لأنفسهم حزبا ولك حربا، فانصبت عليهم فرسان من الصبيبة صبا، فما كان منهم إلا مدهوش وحائر، لما انقض عليهم شاهين كالنسر الطائر.
فقلت: نيابة الشام قد أصبحت ضائعة في الحكم أحوالها لما تولى شيخنا معرضا ورامها الغير فما نالها قال لسان الحال ما ينبغي والشيخ قد عمر أعمالها فلم تكن تصلح إلا له ولم يكن يصلح إلا لها (سريع) وأيد الله بالنصر الإقبال، وانصلحت بأحكامك الأحوال، وأصبح البلد في وجل وضنك، فعفوت عنهم وعفا الله عنك.
فقلت: تبارك من أعطاك نورا وهيبة نزانك فضلا منه بالخلق السمح ومذ كنت أهلا للمكارم والعلى فتحت بلاد الشام بالحمد والصفح (طويل) [8] وقعة طرابلس مع بكتمر جلق. وتوجهت إلى الثغور والتركمان، فكنت المنصور على بكتمر بما مان، وعدم القرار ولزوم الفرار ذليلا، ولسان القدر يناديه: (قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا) [9] وقعة حماة مع دقماق. وأقبلت على حماة، وأيدك الله يف حماة، وكنت مؤيدا بإشارة نصر من الله وفتح قريب، وحصل لك من النصر أوفى نصيب، وناديت بالأمان والإطمان، وكان بقضاء الله وقدره ما كان.
[10] دخوله، نصره الله، إلى حلب وتسليمها لجكم. وتقدمت في البرد الشديد، بقلب جليد، أقوى من الحديد، إلى ما تريد، فملكت المملكة الحلبية، بنفسك الأبية، وهربوا من بين يديك وما قابلوك باستطاعة، ولكن الهروب من بين يدي الملوك طاعة، فقلت: شيخ ملوك الأرض ذو هيبة إذا رأتها الأسو منها تغيب وفي مجال الحرب أفعاله تشيب الأطفال هذا عجيب ما بارز الأقران إلا أنثنى في معرك الطعن برمح خضيب وإن أتى الجحفل نودي له نصر من الله وفتح قريب هذا الذي في الحكم أقواله تنشي معاني بالبيان الغريب أحكامه نافذة أمرها بعدله وهو المجاب المجيب وكل من يقصد في حكمه للحق أصلا عمره ما يخيب يراقب الأحوال في غفلة ويختشي الأحكام خوف الرقيب وشيخنا فيه الهدى والتقى ويلتقي الشاكي بصدر رحيب فالله يبقيه له دائما مؤيدا بالنصر حتى تطيب (سريع) وسريت بسر سريرتك للمقدور، على خيل كالطيور، فطارت الألباب بنزولك على ثنية العقاب، ولما يسرت فضلك للبرية، يسر لك الله الخير في البرية، فحمدنا الله تعالى على السلامة والوصول، وقلنا للعدو الخارج: "هذا هو الدخول" فسرت بك الخواطر، وابتهجت برؤيتك النواظر، ودخلتم سالمين، ولسن القدر يناديك (لا تخف نجوت من القوم الظالمين) واجتهد في عمارة البلد والمساجد، وتوكلت على الملك الواحد، وجعلت على عمارته الثقة الأمين، الأمير دوادار شجاع الدين شاهين، فأقام شعاره، وأعلى مناره، وجدد آثاره، وأظهر أنواره، وعمر سوقه، وأدى حقوقه، وبسط بعد البياض رغبة في جزيل الثواب، وأصبحت جنات جهات العبادة مفتحة الأبواب.
وقلت: عمرت بيوت الله لله خالصا وأضحى دوادار لديك يعمر وقام منار الدين في الذكر دائما ويكفيك عند الله الله أكبر فأنت دليل للجليل هديته ولو لم تكن ما كان شاهين يذكر وطيرته للمكرمات فصاده وبيضها سعدا وأنت المطير وسار وحق الله أحسن سيرة وبالشيخ والرأي السديد يدبر فعممر عمر النسر يقتنص العدا ويصطادها قهرا ويغري ويكسر تحيي بذكر الله قتلاء حبه وتعفو عن الجاني ما زلت تجبر (طويل) وقلت في عمارة جامع جراح، فيا ملك البلد و يا مخجل الشمس بمن خصك في الليل والضحى بالانشراح، لا تنس جامع جراح، وجيرته خشابين ونجارين، وهم على الصلوات فيه محافظين، وأنت مغيث الملهوف، والأقربون أولى بالمعروف، فقام باهتمام، وتعمر بالكلام. وأما جامع يلبغا، أقامه الملك وتعصب عليه من بغى، وحبست مقهور، إلا إلى الله تصير الأمور، وقلت: إن حبس المظلوم لا تعجبوا فإن هذا من تمام الأجور واستعجبوا للمدعي ظالما إلا إلى الله تصير الأمور (سريع) [11] أما جكم. فإنه نقض العهود ، وتعدى الحدود، وأظهر الشقاق والنفاق، وانطوى على مساوي الأخلاق، واصطلح مع الأمراء المخامرين، وتوجهوا إليك محاربين وأنت في المرج مقيم، والله بما يعملون عليم.
وقعه حمص مع جكم ونوروز. أقبلوا إلى حمص بنية القتال، فقابلتهم بالفرسان والرجال، فتغير الحال، والحرب سجال، فتركته في الأوطان، وما أتيت إلا بسلطان، ففروا فرار الآبقين، وطلبتم آثارهم مسابقين، وكم بين السابق واللاحق، من مباطن ومنافق، ودخلوا البراري والقفار، والتحقوا بشعار العار، فرجع الناصر إلى البلاد، لما ظهر في الأرض من الفساد، وأمرك بالتوجه إلى صفد، لتكون على كتفه شبه الأسد فتوجهت لامتثال الأمر، وما لزيد إلا عمرو، فأقمت كامنا لصيده، ومفكر في تدبيره وكيده، وخرج إلى شقحب، ولو أمكنه تسحب، فأقام بها شهرا كامل، هو مع ذلك العسكر الكثير خامل، يتقلب في حيرته بعكسه، وكل ليلة يختبطون ويقولون كبسه، فليلهم سهارى، ونهارهم سكارى، وما هم بسكارى، فطال عليهم العطش وسوء الحال، فدخلوا البلد وهم في قيل وقال، فبينما هم في التنكيد، إذ أقبل الحمزاوي هاربا واستفتحوا وخاب كل جبال عنيد.
[12] أخذ قلعة صفد من الحمزاوي. وكان قد أخذ القلعة الصفدية وجعلها له حصنا، فقلعته منها وانقل منه غبنا، وخرج يتصيد، ولو وقع رجع مقيد، وقلت: ملكتم بحمد الله قلعته التي خباها له محروسة برجالها فلما رآها من يديه تقلعت وكان عزيز القوم خلا وشالها (طويل) وقلت: النصر مقرون بعدل الحاكم والكسر مقرون بجور الظالم ما كل من طلب العلى نال العلى كلا ولا كل الرجال بحاتم يا أيها الملك الطاع لأمره لا زلت في حفظ الإله الدائم (كامل) [13] فدخل نوروز الشام بالبهتان. انتخب فرسانه الأعيان، وأرسلهم إلى غزة وكأنه في ذلك هاب عزه، فمنهم ابن ازدمر وابن قشماس، والحمزاوي الذي كان راهبا فعاد شماء، فخربوا البلاد، وأكثروا الفساد، وظلموا العباد، وعدوا قطيه وبلبيس، وملكوا مصر بالقيس.
[14] وقعة غزة. فتوجهت عليه كالأسد الغضبان، فقتلت الفرسان وأسرت الأعيان، وذلك بفضل الله العميم، وما النصر إلا من عند الله العزي الحكيم، وأول ما انسحل، وصادفه اسم زحل ، فملكت غزه وأعمالها، وانصلحت بأحكامك أحوالها، وعدت سالما إلى صفد بالانشراح، مؤيدا بالملك الفتاح.
هويت من عمري وصال الملاح ليس على معترف من جناح وكيف لا أهوى بدور الحمى تبسم عن مثل أقاح البطاح وتسل العشاق ألبابهم بسحر ألحاظ مراض صحاح تجرح أحيانا بهن الحشى وربما داوت بهن الجراح لو شاء من يعذلني في الهوى أراحني من عذله واستراح قاسيت أهوال الهوى في الهوى وكنت مغرى بحبيب وراح وجئت بالمدح وطيب الثنا لشيخي المحفوظ بحر السماح عاينت نور البشر في وجهه فلاح لي منه بشير الفلاح وكل من يأتيه في حاجة فإنها مقرونة بالنجاح فيه التقى والخير عاداته وفيه ما يرجى وفيه الصلاح وفيه لطف الذات في رقة وفيه ما يخشى وليث الكفاح يقتلع الفرسان يوم الوغى ذا الأبيض الوجه بسمر الرماح والسعد شاويش ينادي له يقصده عند التهاني وصاح معاشر الناس اطلبوا واقصدوا وادعوا لشيخي في المسا والصباح (سريع) [15] واستدعيت الناصر لتدبير الممالك. وجدت في نصيحته بنفسك ومالك، فما عرف العدو ومن الصدين، وحكم عليه بما حكم الله على يوسف الصديق، فنجاك الله تعالى بحسن النية، وخلصت سالما من الأذية، ومضيت ومن معك سالمين، ولسان القدر يناديك (لأقبل ولا تخف إنك من الآمنين) فأقبل الأمير سلامش وبكتمر إلى السلطان وضمنوا له بالأموال، والقود والخيل والجمال، فطمع بذلك، ونادى بطاعة نوروز في الممالك، فأفسدوا القاعدة، وما صدقوا في واحدة، فسبقته وملكت الشام، كأضغاث أحلام.
[16] وقعة بعلبلك مع نوروز وقتل يشبك وجركس المصارع، رحمهما الله تعالى. فوصل نوروز إلى بعلبك والفلك يور، فخرج إليه الأمير يشبك والأمير جركس للأمر المقدور، وقد يتوجه الإنسان وما يعلم الشقي من السعيد، ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد، فجرى القضاء الذي لا يفوت، وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري بأي أرض تموت.
Halaman tidak diketahui