Sinima dan Falsafah
السينما والفلسفة: ماذا تقدم إحداهما للأخرى
Genre-genre
إلى أي مدى يبدو هذا التفسير الفيسيولوجي جيدا؟ إنه يصلح لتفسير ردود فعل الخوف. يستمد «مدمنو الأدرينالين»، كما يطلق عليهم في بعض الأحيان، متعة جلية من توليد استجابة خائفة في أنفسهم. يحقق هواة القفز من المرتفعات هذه الاستجابة عبر القفز من أعلى أسطح المباني أو الجسور، ويحققه هواة القفز بالمظلات عبر القفز من الطائرات، ويحققه المتزلجون على المنحدرات الثلجية عبر محاولة تفادي المتزلجين الآخرين، إلى آخره. لا دور تقريبا للمكون المعرفي في خبرة الباحث عن الإثارة في أي من هذه الأنشطة؛ فالقفز من المرتفعات على سبيل المثال لا يتمحور حول السقوط بطريقة معينة ممتعة، بل هو مجرد أداة أو وسيلة تطلق دفقة الأدرينالين.
9
إذا كان هذا صحيحا، فإن السعي خلف الإثارة طريقة فقيرة معرفيا لتوليد استجابة الخوف. وعلى العكس من ذلك، الرعب الفني هو طريقة ثرية معرفيا لتوليد استجابة الخوف، وكما أشرنا في الجزء السابق، الرعب الفني يتضمن ما هو أكثر بكثير من الخوف. فنحن نذهب إلى فيلم رعب عادة كي نشعر بالخوف دون شك، لكننا نذهب كي نشعر بالخوف بطريقة معينة. (ألعاب محاكاة القفز من الطائرة أو التزلج على المنحدرات الثلجية قد تكون مخيفة لكنها ليست مروعة.) إننا نذهب كي نخضع للترويع. يتضمن ذلك مزيجا من التقزز والخوف، وكلاهما يضربان بجذورهما معرفيا وعاطفيا في تكويننا النفسي أو كبتنا النفسي. قد لا يكون الأساس الفيسيولوجي للمتعة الناتجة عن استجابات الخوف الاصطناعية غامضا تماما (مع أن ذلك لا يعني أننا نملك تفسيرا متكاملا له)، إلا أن المتع الناتجة عن استجابة التقزز أصعب في فهمها، حال كونها موجودة من الأساس. (من المستبعد مثلا أن يؤدي التقزز إلى إفراز الأندروفينات.)
رغم ذلك، فنحن لم نتناول بعد سوى جزء يسير من هذه المسألة. فتجارب الرعب الفني «تتضمن» مشاعر الخوف والتقزز لكنها لا «تتألف» من تلك المشاعر. (إليك مزيجا غير مرعب من الخوف والتقزز: تخيل أنك على وشك السقوط من أعلى جرف، وبينما تتشبث مستميتا بالحافة تنظر إلى يسارك لترى جثة طائر متعفنة. قد تشعر في هذه الحالة بالخوف والتقزز، لكنك لست في فيلم رعب.) تجارب الرعب محددة وثرية من الناحية المعرفية. فنحن نعتبر مشهدا ما مرعبا أو مروعا لأننا نفهم شيئا خاصا عنه؛ نظرا لأن محتواه يصدمنا أو يزعجنا على نحو خاص؛ فالاضطرار إلى الهرب من شاحنة تنطلق بسرعة البرق أمر مخيف، لكنه ليس مرعبا. والاضطرار إلى الهرب من شاحنة سائقها مصمم على دهسك أمر يثير خوفا أكبر، لكنه ليس بالضرورة مرعبا بدرجة بالغة. أما الاضطرار إلى الهرب من شاحنة مصممة على دهسك بينما لا يقودها أحد، فذلك أمر يثير بعض الرعب على الأقل.
10
إذن ما الذي يجعل بعض الأشياء تصنف على أنها صالحة لبث الانزعاج في الجماهير وترويعهم؟ ولماذا نستمتع أحيانا بأن نشعر بالانزعاج بهذه الطريقة؟
التفسيرات التحليلية النفسية للرعب تربط بين الإجابات المقدمة لهذين السؤالين. حسب تلك التفسيرات نحن نستمتع بالشعور بالانزعاج لأن مشهد الرعب يعني شيئا بالنسبة لنا، على الأقل على مستوى غير واع أو ضمني، ونحن نستجيب له وفقا لمعناه. بعبارة أخرى، غامضة بعض الشيء ولا ترضينا بعد، يتفاعل معنى المشهد بشكل ما مع كبتنا لرغباتنا. وهو ما يحدث عبر عدد لا حصر له من الطرق. تتعدد التفسيرات التحليلية النفسية لجاذبية الرعب وتتنوع، وهي عادة ما تختلف من فيلم لآخر ومن مشاهد لآخر. رغم ذلك، فالشكل الأبرز من التفسيرات التحليلية النفسية يربط متعة الشعور بالرعب بما يطلق عليه «صعود المكبوت». وفقا لنظرية التحليل النفسي، يكبت الأفراد رغبات (ذات طبيعة منحرفة غالبا لكن ليس دائما) ويستمدون نوعا من المتعة عندما تشبع الرغبات المكبوتة في الخيال. وكما في حالة العصاب الحاد، فإن الإشباع الخيالي لرغبة مكبوتة هو إشباع «تعويضي»، فهو بديل لشيء لم يحدث قط، لكن المرء، على مستوى ما وبطريقة ما، تمنى لو أنه كان قد حدث. نحن نستمتع بتحقيق رغباتنا المكبوتة أو بمشاهدة آخرين وهم يشبعون رغباتنا المكبوتة نيابة عنا، ما دمنا قد تجنبنا عبء الإقرار بأن ذلك هو ما نفعله. يتضح هنا تحديدا التأثير الفعال للرعب الفني. يصف نويل كارول (1990: 170) هذه العملية فيما يلي (وهو مجرد وصف؛ كما سنرى بعد قليل يطرح كارول تفسيره الخاص البعيد عن التحليل النفسي لجاذبية الرعب):
وفقا للتفسيرات التحليلية النفسية التقليدية،
11
فإن الكوابيس وشخصيات الكوابيس مثل مصاصي الدماء؛ أي المحتوى الرئيسي لقصص الرعب، لها جاذبية لأنها تبرز الرغبات لا سيما الرغبات الجنسية. إلا أن هذه الرغبات تكون محرمة أو مكبوتة ولا يمكن الاعتراف بوجودها صراحة، وهنا يأتي دور الصور المروعة المقززة؛ فهي تخفي أو تضع قناعا فوق الرغبة التي لا يمكن الاعتراف بها؛ إنها تلعب دورا تمويهيا؛ ومن ثم لا تستطيع الرقابة الداخلية لدى الحالم لومه على هذه الصور لأنها تزعجه؛ فهو يرى أنها مخيفة ومقززة؛ ومن ثم لا يمكن اعتباره مستمتعا بها (على الرغم من أنه يستمتع بها بالفعل، بقدر ما تعبر عن رغبات نفسية جنسية عميقة، وإن كان لا يظهر ذلك).
Halaman tidak diketahui