بموجة الفصل منه مرتشفه وأما حسبه الطاهر ومنصبه المشتهر: فهو من خلاصة العرب، وذوي المنا صب والحسب، [ممن](1) يحمون الجار، ويمنعون الذمار، ويكرمون الضيف، ويغيثون الملم، هم(2) يقال لهم: بنو الكينعي، ذوحصون، ومنعة، ورياسة، ورفعة، بلدهم من مغارب ذمار على بريد منها، من نفاسة أخلاقهم يقال لهم : عز المغرب(3) وادي مزارعهم عظيم، والزرع يأتي فيه كثيف جسيم، ووطن بمحضري قصبة ذرة بوطن رمح الفارس الباسق، وزاد ذراعا ونصفا، وربما لحضتهم عناية أزلية كما لحضت حليمة في شاتها(4)، وبنت شعيب في سقي غنمها(5)، وبشر الحافي(6) في قومه، وسلمان الفارسي في أهله، وبلال في قومه وحبشيته، قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((سيد الفرس سلمان، وسيد الروم صهيب، وسيد الحبشة بلال))(1) إلى آخر الحديث، {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو}[الأنعام:59] وهو رضي الله عنه من أوسطهم بيتا وأشرفهم نسبا.
إبراهيم بن أحمد بن علي بن أحمد الكينعي، لحظت جده عناية الله وسابق لطفه فانتقل من بلده بولده لرشاده إلى قرية معبر؛ لأنها مهاجر الصالحين ومغرس أهل التقوى واليقين، ولا يزال فيها مدارس العلماء والمتعلمين، ولايزال فيها -إن شاء الله تعالى- قوم صالحون، تقام فيها الجمعة والجماعة، ومعالم الدين فيها ظاهرة. ليسكن(2) فيها فصدق الله ظنه وفراسته في صلاح أولاده، وصلحوا وقرت عينه وثلج(3) فؤاده، ومات فيها رحمه الله، وهؤلاء بنو الكينعي أنزه أهل المغرب، يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويحبون العلماء والمتعلمين، ولا تعرف معهم القينات والمعازف أبدا، ولا يظهر فيهم المعاصي والفسوق، ولا نعرف منهم إلا تأدية الحقوق -إن شاء الله تعالى- لكن جده قصد الأعلى فنال ما تمنى وأدرك شرف الآخرة والأولى في قوله تعالى: {وكان أبوهما صالحا}[الكهف: 82] قيل: كان جده أبو أمه السابع جد والله أعلم.
Halaman 62