Perhubungan Antara Arab Dan Parsi
الصلات بين العرب والفرس وآدابهما في الجاهلية والإسلام
Genre-genre
أثرهم في الآداب العربية
بعد هذا كله نسأل السؤال الذي يفهم جوابه استنتاجا مما تقدم: ما أثر الفرس في الآداب العربية؟
مهما تحدث الناس عن النزاع بين العرب والفرس، فإن هذا النزاع لا يشرح لنا كل شيء، كان المتنازعون إما من الرؤساء ومن التف حولهم، وإما من الطامعين في الزعامة والمناصب.
وأما العلماء أكثرهم فكانوا كدأبهم في كل زمان يعملون ولا تسمع أصواتهم، وهم الذين تعاونوا على إغناء اللغة العربية بالكتب في شتى الفنون. فقد تقدم الفرس النجباء لحمل الأمانة العلمية منذ العهد الأموي وثابروا فإذا هم متقدمون في فنون كثيرة؛ في التفسير والحديث والفقه، حتى علوم العربية من نحو وصرف وعروض، والآداب العربية شعرها ونثرها قديمها وحديثها. وما عني هؤلاء العلماء بالكلام عن الفرس والعرب بل كانوا يتحرجون أن يخوضوا في هذا، وكان حسبهم أن ينصروا الدين وعلومه. وحسبنا أن نذكر هنا أمثال الحسن البصري والبخاري، ومسلم والإمام أبي حنيفة، ومحمد بن جربر الطبري وابن قتيبة وابن فارس. على أن المتعصبين أنفسهم قد اتخذوا العربية لغتهم ولم يجعلوها موضع نزاع ولا عدلوا بها لغة أخرى. والحق أن كراهتهم للعرب لم تكن كراهة للغة العربية. وأصدق شاهد على هذا أبو عبيدة اللغوي؛ كان شعوبيا متعصبا على العرب، وأصله يهودي فارسي، ونحن نعلم ما أجدت مؤلفاته على اللغة العربية وما بذل من جهد لحفظها ورواية آدابها. ومن هذه الآداب كتابه في مثالب العرب.
وللفرس يد أخرى على الآداب العربية، هي ترجمتهم ذخائر لغتهم إلى اللغة العربية ترجمة حاذق قد اتخذ العربية من لغته بديلا، ولعل عصبيتهم حفزتهم إلى هذا ليحفظوا آثارهم من الضياع وتقوم لهم الحجة بما يترجمون على فضل آبائهم وعظم حضارتهم. وقد بدأت هذه الترجمة - فيما يظن - أيام الخليفة هشام بن عبد الملك؛ ترجم جبلة بن سالم كاتب هشام سير ملوك الفرس، ثم جاء زعيم المترجمين ابن المقفع وعبد الحميد بن أبان وآل نوبخت، قد عد صاحب الفهرس أربعة عشر مترجما غير ابن المقفع وأسرة نوبخت.
والكتب التي ترجمت من الفارسية أقسام ثلاثة: (1)
كتب في الحكمة: وهذه ليست ذات خطر، فإنما هي فلسفة اليونان جاءت من طريق الفرس، وكان العرب يأخذونها من مصادر خير من الفارسية. (2)
وكتب في التاريخ والقصص: مثل كتاب (خداي نامه) أو سير الملوك، وكتاب التاج في سيرة أنوشروان اللذين ترجمهما ابن المقفع، وسيرة أردشير، وسيرة أنوشروان اللتين ترجمهما أبان اللاحقي. وبعضها مأخوذ عن السجلات الرسمية الفارسية. وهذه الكتب لها أثرها في كتب التاريخ العربي، وهي أصل لكل ما في الكتب العربية من تاريخ الفرس وأساطيرهم، فأخبار الساسانيين في الطبري مثلا مأخوذة منها، يثبت هذا مقارنة الكتب العربية بعضها ببعض وبالكتب الفارسية كالشاهنامة. فهذه الكتب على اختلاف مصادرها المباشرة تتفق في سرد التاريخ اتفاقا يؤدي إلى الاعتقاد بأنها أخذت من أصل واحد.
2 (3)
وكتب المواعظ والآداب والسياسة وما يتصل بها: مثل عهد (أردشير بايكان) على ابنه سابور، وعهد أنوشروان إلى ابنه هرمز، وجواب هرمز إياه، ورسالة كسرى إلى زعماء الرعية وكتاب (زادان فرخ) في تأديب ولده، وآيين نامه الذي ترجمه ابن المقفع.
Halaman tidak diketahui