ضبطه ولم ألزم يدي حفظه لطار حتى يختلط بالجو فلا أرى منه إلا هباء منثورا، وهواء منشورا. كتاب حسبته يطير من يدي لخفته، ويلطف عن حسي لقلته. عجبت كيف لم تحتمله الرياح قبل وصوله إلي، وكيف لم يختلط بالهواء عند حصوله لدي. كتاب قص الاقتصار أجنحته فلم يدع قوادم ولا خوافي، وأخذ الاختصار جدته فلم يبق ألفاظًا ولا معاني، كتابك كإيماء بطرف، أو وحي بكف، لم أفتتحه حتى استوفيته ولا نشرته حتى طويته.
في ذم الخط والقلم
خطه مضطرب الحروف، متضاعف الضعف والتحريف. خط ممجمج، ولفظ ملجلج. خط سقيم، وخاطر عقيم. خط مجنون، لا يدري ألف أم نون، وسطور، فيها شطور. خط يقذي العين، ويشجي الصدر. خط منحط، كأرجل البط، على الشط، وأنامل السرطان، على الحيطان، قلمه لا يستجيب بريه، والمداد لا يساعد جريه. قلم كالولد العاق والأخ المشاق إذا أدرته استطال، وإذا قومه مال، وإذا بعثته وقف، وإذا وقفته انحرف. قلم أحدل الشق، مضطرب الشق. متفاوت البري، معدوم الجري. محرف القط، مثبج الخط. قلم لم يقلم ظفره فهو يخدش القرطاس، وينفش الأنفاس، ويأخذ بالأنفاس. فلم لا ينبعث إذا بعثته، ولا يقف إن وقفته. قد وقف اضطراب بريه، دون استمرار جريه، واقتطع تفاوت قطه، عن تجويد خطه.
في ذم الكلام
كلام تنبو عن قبوله الطباع، وتتجافى عن استماعه الأسماع. ألفاظ تنبو عنها الآذان فتمجها، وتنكرها الطباع فتزجها. كلام لا يرفع السمع له حجابًا، ولا يفتح القلب لوفده بابًا. كلام يصدي الريان، ويصدئ الأذهان. كلام قد تعمل فيه حتى تبدل، وتكلف، حتى تعسف. طبع جاسي، ولفظ قاسي. لا
1 / 54