في سرعة الكتابة
يده ضرة البرق، وقلمه فلكي الجري. يده ظئر البلاغة، وأم الكتابة، وضرة الريح، وينبوع الفضل. كأن يده على القرطاس جناح طائر في سراب مائر. فلان أنامله الرياح، وخواطره البحار. فلان سريع البنان، بديع البيان. لا يحبس عنان قلمه، أو ينثر الدر في كلمه. قلمه يهيم على وجهه، غادرًا رأسه في درجه. أخف من حسوة طائر، ولمعة بارق، وخلسة سارق.
وصف النثر بما يشتمل عليه من الألفاظ والمعاني
ألفاظ كغمزات الألحاظ، ومعان كأنها فك عان. ألفاظ كما نورت الأشجار، ومعان كما تنفست الأسحار. ألفاظ قد استعارت حلاوة العتاب، بين الأحباب، واسترقت تشاكي العشاق، يوم الفراق. حسبت ألفاظه در السحاب، أو أصفى قطرًا وديمة، ومعانيه در السحاب، بل أوفى قدرًا وقيمة. كلام قريب شاسع، ومطمع مانع. كالشمس تقرب ضياء، وتبعد علاء، وكالماء يرخص موجودا، ويغلو مفقودا. كلام يصعب على التعاطي، ويسهل على الفطنة. كلام لا تمجه الآذان، ولا يبليه الزمان. ألفاظ كالبشرى مسموعة، وأزاهير الرياض مجموعة، ومعان كأنفاس الرياح، تعبق بالريحان والراح. كلام مستهل متسلسل كالمدام بماء الغمام، يقرب إذنه على الأفهام. ملح كنوافذ السحر، وفقر كالغنى بعد الفقر. كلام كبرد الشرراب، على أكباد الحرار، وبرد الشباب، في خلع العذار. كلام كثير العيون، سلس المتون رقيق الحواشي، سلس النواحي. كلام هو السحر الحلال، والماء الزلال، والبرود والحبر، والأمثال والعبر، والنعيم الحاضر، والشباب الناضر. نظرت منه إلى صورة الظرف بحتا، وسورة البلاغة سبكًا نحتا. ألفاظ هي خدع الدهر وعقد السحر. ألفاظ تسر المخزون، وتسهل الحزون، وتعطل الدر
1 / 46