الشيطان. شبابه أعمى عن الرشد، أصم عن العذل، قد لبى داعي هواه، وانغمس في لجة صباه. قد هجم بسكر الحداثة على سكرات الحوادث، جرى إلى الصبى، جري الصبا. ركض في ميدان التصابي، وجنى ثمرات الملاهي. أنفق صباه على الفحشاء، وشبابه على الأحشاء، وأصبح بين الزق والعود، وأمسى بين موجبات الحدود. فلان غفل من سمة التجربة، صعب الرأس على لجام العظة، جامح في عذار الغفلة. هو في سلطان الصبى، وفي نوبة الأولى، قد خلع عذاره ومقوده، وألقى إلى البطالة باعه ويده. هو بين خمار الغداة وسكر العشي. فلان لا يعرف الصحو، ولا يفارق اللهو. هو بين غرر الشباب، وغرر الأحباب. فلان لا يفيق، ولا يدركه التوفيق.
في ذكر الشاب الرشيد وترشحه للمعالي
جمع نضارة الشبان إلى أبهة الشيب. هو على حدوث ميلاده، وقرب إسناده شيخ قدر وهيبة، وإن لم يكن شيخ سن وشيبه. هو بين شباب مقتبل، وعقل مكتهل. قد لبس برد شبابه على عقل كهل، ورأي جزل، ومنطق فصل. للدهر فيه مقاصد، وللأيام فيه مواعد. أرى له في ضمان الأيام، ودائع الحظوظ والأقسام، تباشير نجح، ومخايل نصر وفتح، قد استكمل قوة الفضل، ولم يتكامل له سن الكهل. ما زالت مخايله وليدًا وناشئًا، وشمائله صغيرًا ويافعا. نواطق بالحسنى عنه، وضوامن للنجح فيه. قد سما إلى مراتب أعيان الرجال، التي لا تدرك إلا مع الكمال والاكتهال، حمدت عزائمه، قبل أن حلت تمائمه. وشهدت مكرماته، قبل أن درج لداته.
وخط الشيب وانتشاره
شعر الشيب بشعره. عرض البياض بعارضه. نور غصن شبابه. ضحك
1 / 33