ولم يكن عدد واحد من مجلة «المصري» يخلو من الهجوم على إسماعيل صدقي الذي ألغى دستور 1923 وألف دستورا ينكر سيادة الشعب ويفتح الأبواب للغش والخدعة في الانتخابات للبرلمان.
هذا هو كفاحي السياسي الذي أستطيع أن أقول إني خدمت به الشعب فنبهته إلى حقوقه وإلى ضرورة المقاومة لطغيان المستبدين.
ثم كان لي أيضا في 1930 كفاح آخر للمستعمرين، وقد جعلته إيجابيا بنائيا، وذلك بإنشاء «جمعية المصري للمصري».
ذلك أن فهمي للاستعمار كان وما يزال ينطوي على أنه نظام يقوم لاستغلال المستعمرات، وذلك بتشجيع أبنائها على الإنتاج الخام في استخراج المواد الخامة زراعية أم معدنية، ثم حرمانها الصناعة، وعندئذ تشتري الأمة المسلطة منتجات المستعمرة الخامة بأتفه الأثمان، ثم تعود فتبيعها لها، بعد استصناعها، بأغلى الأثمان. وألفت جمعية «المصري للمصري» كي نضرب الاستعمار البريطاني في أساسه هذا، وكان قانون الجمعية يشترط على أعضائها ألا يشتروا سلعة أجنبية ما دام هناك ما يقابها من السلع المصرية، وأن يقاطعوا المصنوعات الإنجليزية، وأن يتجروا مع التجار المصريين دون التجار الأجانب.
ودعوت إلى إيجاد متجر مصري في شارع 26 يوليو (فؤاد كما كان يسمى وقتئذ) ولم يكن به متجر مصري واحد، واحد فقط.
هل تصدق هذا أيها القارئ؟ هل تصدق أنه لم يكن في هذا الشارع متجر مصري واحد في 1930؟
واستطاعت جمعية «المصري للمصري» أن تحمل بنك مصر على إنشاء «محل بيع المصنوعات المصرية » في هذا الشارع، وكان عرضنا الأول على المرحوم طلعت حرب مبلغا مقداره ألف جنيه قدمه وكيل الجمعية (وكنت أنا الرئيس) شيكا باسم هذا المتجر، وكان هذا الشيك بداية المشروع.
وسارت حركة «المصري للمصري» فيما يشبه الالتهاب، وانتشر الوعي الاقتصادي بين الشعب، فصار «التاجر المصري» هو المقصود الأول، وكان من أعضائها الوزير فتحي رضوان والوزير نور الدين طراف وأحمد حسين.
وكان هذا كفاحي للاستعمار.
ثم كان لى كفاح ثالث هو الرجعية، التي تستسلم للغيبيات، ولا تسلم بحرية المرأة، ولا تقبل على الآراء العصرية، ولا تحتضن العلم، وكان من أثر هذا الكفاح أن شيخ الأزهر وقتئذ (1930) كتب إلى وزارة المعارف يحذرها من خطري، وأنها يجب ألا تشترك في «المجلة الجديدة» التي كنت أنشرها، وأطاعته الوزارة في جبن وجهل.
Halaman tidak diketahui