Syahid-Syahid Fanatisme
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
Genre-genre
فكاد يرميه جاليو بكلمة لاذعة إلا أنه أمسك عنها، ونهض غير مكترث، وأخذ يتمشى في المخدع حتى وصل إلى النافذة ففتحها ليستنشق الهواء. لكنه تعجب لما رأى فرقة من حملة البنادق تحت النافذة، وفي ذلك الوقت رفع أمير كوندة الستر عن بابه، ونادى جاليو واجتذبه إلى وسط غرفته، وقال: تكلم واخفض صوتك، فقد سمعت ما قلته لهذا البارون اللعين، وإني لراض عنك. - لقد فعلت ما قدرت عليه. - هل تظن أنك أفلحت في تحويله عن اعتقاده؟ - لست على يقين، وإنما أظنه قد تزعزع اعتقاده شيئا. - تذكر ما أوصيك به الآن، فإذا سئلت فقل إنك إنما دخلت البلاط بناء على طلب رفع إلي من والدتك، وإنني عرفت والدك فيما مضى، واتخذتك وصيفا لي حافظا ولاءه، وأما مشاجرتك في الفندق، وقد أفلحت فيها، فأنكرها بتاتا. - سمعا وطاعة يا مولاي. - واعلم ألا قيمة ها هنا لغير البسالة والدهاء، فيجب على المرء أن يحسن ضرب السيف وتدبير الحيلة، ولا تعرض عن وصائف الملكة فهن ثرثارات لا يكتمن سرا عمن يحسن ملاطفتهن ومداعبتهن، وقد بدأت أمس بما يعجب ويدهش، فاستمر على ذلك. - شكرا لك يا مولاي. - واختر من أسلحتي السيف الذي تجده أفضل السيوف، ومن خيلي الجواد الذي يسمع صوتك، واحش غداراتك على الدوام، فلسنا ها هنا في موضع دعة وأمن، ولكننا سنقصد النافار
1
في القريب العاجل. فهل تعجبك الأسفار وملاقاة الأخطار؟ - إني لها يا مولاي. - إني ذاهب إلى مجلس الملك، فاتبعني وجرد سيفك نصف تجريد من غمده، والبث مستعدا للدفاع عني عند أول دعوة مني. واتجه كوندة إلى باب مخدعه دون أن يظهر عليه شيء من الاهتمام بحاله كسجين. فقال له البارون دي برداليان: عفوا يا مولاي، فإنني على الرغم مني لا أستطيع أن أدعك تخرج من هنا؛ لأن الأوامر التي لدي بهذا الشأن شديدة.
فأجابه الأمير: لئن حاولت منعي من الخروج فأنت تلجئني إلى قتلك.
فأثر هذا الكلام في البارون، إلا أنه قال: ومع ذلك فإنني لا آمن غضب الملك إذا تركتك تخرج. - قل غضب الدوق دي جيز لا الملك. ألا فاعلم يا هذا إن أمراء البيت المالك لا يطيعون غير الملك، وقد تركتك تمثل في هذا الصباح روايتك المضحكة، أما الآن فأرجو منك أن تترك بابي هذا. على أنني ذاهب لألقى فرنسوا الثاني، وقد أذنت لك بأن تكون من حراس الشرف فتلحق بي.
واجتاز الأمير أروقة القصر بعظمة حتى وصل إلى قاعة المشورة، فقال: افتحوا أيها الحراس!
فأجابوه: إن جلالة الملك مجتمع على عميه آل جيز.
قال: افتحوا أيها الحراس!
فأجابوه: لقد تلقينا أمرا بألا نفتح لأحد.
فلم يجب كوندة، لكنه التفت إلى جاليو، وقال له: تقدم أيها الشريف، ما دام هؤلاء القرويون الغلاظ لا يفعلون ما يجب عليهم فافعل أنت.
Halaman tidak diketahui