Syahid-Syahid Fanatisme
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
Genre-genre
قال: لقد مضى دون أن يدفع إلي مالا فلا بد من أن تدفع أنت، بل تدفع عن سائر الناس. فإن مركبتي تحطمت، وبابي اقتلع، وجملة ما أطلبه منك عشرة ريالات، فلا تخرج من هنا إلا بعد أداء هذا المبلغ.
وكان القدر كبيرا، والأجرة كثيرة بالقياس إلى مبيت ليلة على كرسي في بدروم الفندق، إلا أن برنابا دفع المبلغ لشدة مسالمته ، وقال : هل تدري إلى أين اتجه صديقي الفتى؟
أجاب: أظنه مضى إلى أمبواز.
قال: شكرا لك.
وسار برنابا فالتقى بجاليو عند أبواب المدينة فهنأه بالسلامة، ثم قال له: ما هذا الجنون الذي دهاك؟ أتلقي بنفسك إلى التهلكة؟
أجاب: سوف تلومني فيما بعد يا أستاذي، أما الآن فأنت جائع عطشان، إلا إذا كنت قد تناولت شيئا من المخزون في الطبقة السفلى التي كنت فيها.
قال: لم أذق طعاما منذ صباح اليوم، فهل تعرف فندقا صالحا؟
وبعد نصف ساعة كان برنابا يلتهم دجاجة، وينظر مليا إلى زجاجة أمامه من خمر بورجونيا. فقال لتلميذه: هل عقدت النية على ترك المدرسة؟ فأجابه: نعم، يا أستاذي. قال: لم ذاك! أجاب: لأنني أريد أن أكون من رجال الأمير كوندة. قال: أتعني ذلك الأحدب?! وأي نفع لك من خدمته؟ أجاب: نعم، إنه أحدب، ولكنه أشجع من الدوق دي جيز عم الملك، ومحبوب من نساء البلاط جميعا.
وقال برنابا: إن المرأة مخلوق بديع يوجد في أبخرة الخمر المعتقة كما يوجد في أروقة قصر اللوفر. ألم تفدك مني القدوة الصالحة؟ ألم تنفعك آرائي السديدة حتى أردت الرجوع عن العيش الرغيد، عيش العلماء؟ أتقر عيناك بالاضطجاع على الثرى البارد حينما أكون متمددا على سرير جيد وفراش لين؟ أيطيب لك القتال وتلقي ضربات السيوف حينما أكون مستلقيا على كرسي واسع مريح من خشب السنديان أطالع قصائد ونزار؟ أنت تعلم أن التعرض للحرب والنضال يقضي عليك أحيانا بالامتناع عن الأكل أو باتخاذ خبز القروي قوتا، في حين أن مائدتي مغطاة على الدوام بغطاء أبيض كالثلج، عليه قناني الخمر المعتقة والثمار الناضجة واللحوم الطيبة وغيرها من المآكل الشهية، فهل تستطيع يا جاليو أن تهجر ذلك كله، وتقاسي شظف العيش؟
قال جاليو: أصغ إلي يا أستاذي؛ لأني أريد أن أسترشد برأيك. قال: تكلم. قال: إني أهوى امرأة حسناء منذ بضعة شهور. قال الأستاذ: قد عرفتها فهي زوجة المحامي! قال: لقد سمعت كلامك يا أستاذي دون أن أسبقك بالكلام، فاسمع كلامي إلى آخره. إني أهوى امرأة حسناء كتب إليها زوجها وهو في أمبواز يستقدمها إليه فصحبتها إلى هنا، ونزلنا في فندق، واستيقظنا عند الصباح على وقع الرصاص، فبادرت أنت إلى القبو مختبئا فيه، ولبثت أنا عند النافذة، فشهدت قتالا بين جماعة من الفرسان، ورجل واحد، فأسرعت إليه لأسعفه.
Halaman tidak diketahui