Syahid-Syahid Fanatisme
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
Genre-genre
أجاب: لا فائدة من ذلك، فإنه بعيد عن مرمى رصاصنا.
وكان فرنسوا دي جيز قد ابتعد فالتفت ونظر إلى ناحية الأسوار، فحانت منه التفاتة جعلته يرتعد؛ لأنه أبصر وجه مادلين وقد زادها لبس السواد حسنا. فأوصل ملك النافار إلى خيمته، ثم عقد مجلسا وأقر وجوب الاستيلاء على البلد بالهجوم المباشر دون اكتفاء بالحصار.
فقالت الملكة الوالدة: مهلا يا مسيو دي جيز، فإن الاستيلاء على المدينة بالهجوم عليها قد يكون السبب في تسليمها إلى الجند يحرقونها، ويذبحون سكانها.
فأجابها: ثقي أيتها السيدة أنه لا جندي من جنودي يحرق ويسلب، وإني أقسم لك على ذلك.
وأخذ يبسط الكلام في أفضلية رأيه، إلا أنه قبل إصدار الأوامر بالهجوم دعا إليه خادمه روسو، وهو الرجل الذي كان رسوله في كل مراسلة غرامية، وقد كافأه بأن قلده زمام الحكومة في مدينة «بايو» فقال له: ألم تطلب إلي بالأمس أن أسمح لك بزيادة الضرائب في مدينة بايو؟
فأجابه: لست أنتظر غير صدور أمرك الكريم لأعود إلى حكومتي! - لقد قيل لي إنك تذبح البروتستانتيين ذبحا كثيرا. - ذلك خير من تركهم ينغمسون في عبادتهم الخاطئة (؟).
فضحك الدوق وقال: إني أخولك الزيادة التي تطلبها، ولكن بشرط واحد. - تكلم يا مولاي. - ألم تر أحدا على الأسوار في هذا المساء؟ - نعم رأيت مادلين لوم! - إنا هاجمون غدا على مدينة روان، وليس من العدل أن يتمتع الجنود بمن يشتهون ويحرم قائدهم الأكبر. - فهمت يا مولاي.
قال الدوق: وهل أعتمد عليك؟
أجاب: يعلم مولاي أنني لا أضن بحياتي في خدمته. وفي اليوم التالي، بعد هجوم هائل، استولى الكاثوليكيون على مدينة «روان» ولم يبق لها قلعة أو وسيلة للدفاع إلا حصونها المتداعية، فتخطاها المهاجمون بعد أن أتموا تهديمها، ويومئذ حدثت المذابح التي تقشعر منها الأبدان، وسفكت الدماء حتى سالت في كل مكان؛ لأن البروتستانتيين كانوا قد عقدوا النية على الدفاع في داخل المدينة، وعلى ألا يدعوا للمهاجمين زقاقا أو شارعا أو بيتا إلا بعد أن ينازعوهم عليه كل المنازعة، ويقاتلوهم كل المقاتلة. فكانت النوافذ مملوءة بفوهات البنادق تطلق نيرانها على الجند، والسطوح عبارة عن مناجم حجارة يرشقون بها المهاجمين، وكانوا يسمعون في بعض الأحيان دويا هائلا يدل على أن بعض البروتستانتيين قد نسفوا بيتا ليدفنوا تحت أنقاضه المهاجمين من الكاثوليكيين، وانقضت ثلاثة أيام في قتل ونهب. أما مونغوميري فقد لجأ إلى الفرار على قارب، وكانت الملكة تبكي غيظا وقهرا وحزنا على مدينة غنية كانت من أكبر المدن التجارية، وقد أصبحت خرابا . فبادرت إلى الدوق دي جيز، وقالت له: أين اليمين التي حلفتها؟ فأجابها: لست أذكر يمينا أيتها السيدة، وهل تظنين أنه يمكن ضبط جيش منتصر؟ إن هؤلاء الجنود الذين تلومينهم؛ لأنهم يسلبون وينهبون معذورون؛ لأنهم لم يتناولوا مرتباتهم منذ استيلائهم على مدينة بورج!
فأدركت كاترين أن كل وسيلة صالحة لا تجدي، فانطلقت وزارت ملك النافار، وقد أراد دخول المدينة محمولا على محفته، ولكنه مات وهو ينظر إلى الآنسة «دي رويا» وهي فتاة كان يهواها هوى شديدا.
Halaman tidak diketahui