Syahid-Syahid Fanatisme
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
Genre-genre
قالت: كلا يا ترولوس، فلا بد من ذهابك! فعد إلى الأمير، وقل له إنني سجينة مع الملك، وقل له أن يبذل جهده لإنقاذي، ثم تسعى لملاقاتي في الموضع الذي أساق إليه، ولقد خانني الكل، وإني محتاجة إليك، فاذهب أيها الحبيب!
فأجابها: إني طوع أمرك أيتها الملكة! وبعد هنيهة سار في طريق «مو» آملا أن يلحق بأمير كوندة، وكان الأمير قد ترك ذلك الموضع ليقترب إلى أورليان، ويشرع في الاتفاق على العمل مع الأميرال دي كوليني، وهناك علم أن الكاثوليك قبضوا على الملكة والملك . فكان ذلك فاتحة حرب، ولم يبق بد من الدفاع. فوثب ترولوس إلى طريق أورليان، وكانت يومئذ المدينة الثانية في المملكة، فوصل إليها يوم استولى عليها دنديلو، نجل الأميرال، ولقد استولى عليها من غير أن يسفك قطرة دم؛ إذ أقنع الأورليانيين بأنه إنما لجأ إلى أورليان ليخدم الملك فيها، وبعد أيام أقبل أمير كوندة على المدينة فحاصرها، وأعلن بعدما تلقى رسالة ترولوس أنه لا يجرد السلاح إلا لمصلحة البلاد وإنقاذ الملكة الوالدة والملك. وفي يوم 11 أبريل (نيسان) اجتمع أهل أورليان واعترفوا بأمير كوندة زعيما لهم؛ لأن أكثر سكان المدينة كانوا على مذهب البروتستانتيين. فوقعوا على عقد تعهدوا فيه بالانقياد إلى أمير كوندة لإنقاذ الملكة الوالدة وابنها الملك، وإعادة الطمأنينة إلى المملكة تحت حكم الملكة الوالدة، وكان جاليو في جملة الموقعين على ذلك العقد، شافعا توقيعه بأنه يظل كاثوليكي المذهب؛ لأنه لا يريد أن يرتد عن مذهب والديه، ولكنه يقاتل دفاعا عن الأمير، والملك، والوطن، وعن الضعيف، ولقد رأى نفسه في أشد حاجة إلى سيد عظيم يقيه شر المحامي أفنيل بعد حادثة فاسي؛ لأن جاليو أبقى مرسلين عنده مخبوءة في أورليان، وكان ينفق عندها وقته عندما يخلو من خدمة الأمير.
فلما كان يوم 11 أبريل أقر مجلس باريس الأمر المشهور «بأمر يناير (كانون الثاني)» وهو الذي يخول البروتستانتيين حرية العبادة والقيام بشئونها. ثم إن الدوق دي جيز أكره الملكة على أن تسعى لإخضاع أمير كوندة، فانضمت إلى الكاثوليكيين؛ لأنهم صاروا الحزب الأقوى، دون أن تقطع مفاوضتها مع زعماء البروتستانتيين، ولقد كتبت رسائل عديدة، جمعها الكونت هكتور دي لافريير في كتاب عنوانه: «مراسلات كاترين دي مدسيس» وكلها مرسلة إلى زعماء البروتستانتيين.
ولم تعلن الحرب بين الطائفتين، إلا أن المشاجرات كانت متوالية، وفي ذات يوم خرج مونمورانسي من باريس بجيوشه وتبعه جمهور من الناس فقصد موضعين لاجتماعات البروتستانت؛ أحدهما: خارج باب سن جاك، والآخر: في موضع يقال له بانبكور؛ فأضرم النار فيهما، وأهلك كل المجتمعين للعبادة هناك من غير دعوى ولا مرافعة، ثم عاد إلى المدينة بين هتاف المتعصبين وصياح المتحمسين كأنه قادم من نصر مبين. وكذلك وقعت مذبحة كبيرة في «سانس» سقط فيها من البروتستانت قتلى لم يحصر عددهم، واستمرت المذبحة (أو بالأحرى المجزرة الوحشية) أسبوعا كاملا.
وبعد أيام قلائل كان شارل التاسع يتنزه قرب قصر اللوفر عند ضفاف السين مع والدته وآل جيز، فأبصروا جثة طافية على الماء، وكان وجه الجثة متجها إلى شارل التاسع، فقال مرتعدا: ما هذا؟
فأجابه ترولوس، وكان مع الملكة: هذه جثة رجل مقتول في «سانس» ينظر إليك أيها الملك ويسألك عدلا.
فنظر الكردينال دي لورين شقيق الدوق دي جيز إلى ترولوس نظرة غضب، أما الدوق فقال: إن هي إلا جثة بهيم نجس.
1
ولكم من جثة كتلك الجثة الطاهرة كانت طافية على المياه أو مطروحة في الطرق والسهول!
الفصل التاسع والعشرون
Halaman tidak diketahui