Memori Syuhada Ilmu dan Perantauan
ذكرى شهداء العلم والغربة
Genre-genre
وألحقه والده بمدرسة طنطا الثانوية فكان موضع إعجاب أساتذته لفرط ذكائه وشدة شغفه بالانكباب على الدرس وارتشاف مناهل التعليم برغبة شديدة وإرادة قوية، وقد نال منها شهادتي الكفاءة ثم البكالوريا.
ثم استطلع والده رأيه في المدرسة العالية التي يريد الالتحاق بها، فتخير مدرسة الهندسة لشغفه بالرياضيات، وهي من دلائل الذكاء وسعة العقل، ولكنه لم يلبث بها غير سنة واحدة لأن أبواب السفر إلى بلاد الألمان كانت قد تفتحت، فرأى أن يرتحل إليها لدراسة العلوم التجارية والاقتصادية ويعود ليشتغل بالأعمال الحرة، وسافر على بركة الله مع المسافرين من الشبان وكان الأمل يرفرف فوق رأسه بجناحيه ووالده يتمنى له كبار المنى لثقته بنشاطه وحبه للعلم، ولكنه لقي حتفه في الطريق بين من باغتهم الأجل من شباب مصر، فعاد محمولا على الأعناق. واحتفل بمشهده بمدينة طنطا مع المرحوم إبراهيم أفندي العبد كما ذكر في غير هذا المكان، ودفن بمقبرة عائلته بطنطا، فرحمة عليه رحمة واسعة.
المرحوم رمضان أفندي محمود هداية من طنطا. (8-3) دمعة على صديق شهيد
أي صديقي رمضان، رحلت عني إلى ديار نائية لطلب العلم فوافتك منيتك قبل أن تحقق أمنيتك، فواها للأيام! لشد ما تفرق بين الإخوان.
أرثيك الساعة يا صديقي ولا أملك لنفسي إلا عبرة تترقرق بين عيني ونفثة تضطرم حنقا على المنايا «التي تفقد على كفها الجواهر تختار منها الجياد.»
أرثيك الساعة يا صديقي وما كان يجول بخاطري أن أكتب عنك راثيا، بل كان غاية أربي أن أصوغ لك عبارات التكريم احتفاء بمقدمك حاملا إجازة العلم ومؤديا لوطنك المفدى واجبك بصدق وإخلاص.
يا طالما سمعتك تتغنى بآمالك الجسام، وتتوق إلى العمل حرا مستقلا وتبغض التوظف في الحكومة لئلا يسيطر عليك مسيطر، ولقد كانت آخر كلماتك لي أن اعمل لتكون محاميا حتى إذا ما أتيت بعد حين متمما دراستي يكون بعضنا لبعض ظهيرا.
أجل أيها الصديق الداعي إلى الخير سأعمل ما في وسعي لأحيا حياة حرة فتلك هي غايتي في حياتي، وأكبر أمنية تطمح إليها نفسي. سأذكر كلمتك يا صديقي ما حييت، وعندما تشرق علي شمس ذلك اليوم الذي أعمل فيه حرا أحمل إليك الزهر الجميل وأنثره على جدثك الطاهر أسفا وحسرة على فقدك في غضارة الشباب وغضاضة الإهاب.
لقد كنت في حياتك خير مثال يحتذى: كنت زكي الفؤاد، طيب القلب، متوقد العزم، صادق الرغبة في العمل، لطيف المعشر، حريصا على وقتك، ولكن الدهر لم يكن حريصا عليك فوافاك الأجل المحتوم في غربتك وأنت أكثر ما تكون شوقا إلى اغتراف العلم من أعذب مناهله.
ألا ليت المنون التي عاجلتك وأنت في زهرة العمر وريعان الشباب أمهلتك حتى تدرك أمنيتك التي طالما جاشت في صدرك واختمرت في فؤادك، فارتحلت عن مصر مودعا الأهل والسكن والصحاب والوطن في سبيل تلك الغاية الشريفة، غير أنه بما يحيط بها من مصاعب ومتاعب لحق عليك قول القائل: «رب أمنية جلبت أسى ومنية».
Halaman tidak diketahui