لا بد من تلف فبن بفلاح
إن امرأ أمن الحوادث جاهلا
ورجا الخلود كضارب بقداح
ولقد أخذت الحق غير مخاصم
ولقد دفعت الضيم غير ملاح
قوله «ماذا تريثني؟» من الترييث بمعنى التليين؛ أي إن أنواحه لن تهدئ له روعا ولا تجديه نفعا. والمغيرة الشعواء بمعنى الغارة من كل جانب، والمضاغن: من الضغن، بمعنى الحقد والعداوة، يعني أن مضاغنه يلقى منه أسوأ مقابلة وأشد صدمة. والقداح: جمع قدح، وهو السهم قبل أن يراش وينصل، يعني أن راجي الخلود في الدنيا هو كمن يحاول أن يصيب بقدح لا نصل به. ثم قال إنه لهيبته وعظمته يصل إليه حقه بغير حاجة إلى المطالبة والمخاصمة، وإنه يدفع الضيم عن نفسه بغير ملاحاة؛ أي بلا منازعة، يعني أنه لا يضام.
الربيع
وعلى ذكر الربيع بن أبي الحقيق نقول إنه كان من شعراء اليهود من بني قريظة، وهم بنو النضير جميعا من ولد هارون بن عمران يقال لها: الكاهنان. وكان الربيع أحد الرؤساء في يوم حرب بعاث، وكان حليفا للخزرج هو وقومه، فكانت رياسة بني قريظة للربيع ورياسة الخزرج لعمرو بن النعمان البياضي، وكان رئيس بني النضير يومئذ سلام بن مشكم.
وأقبل النابغة الذبياني يريد سوق بني قينقاع، فلحقه الربيع بن أبي الحقيق نازلا من أطمه، فلما أشرفا على السوق سمعا الضجة، وكانت سوقا عظيمة فحاصت بالنابغة ناقته - أي نفرت - فأنشأ يقول: كادت تهال من الأصوات راحلتي. ثم قال للربيع: أجز يا ربيع. فقال: والنفر منها إذا ما أوجست خلق. فقال النابغة: ما رأيت كاليوم قط، ثم قال: لولا أنهنهها بالسوط لاجتذبت. أجز يا ربيع، فقال: مني الزمام وإني راكب لبق (أي حاذق). فقال النابغة: قد ملت الحبس في الآطام واشتعفت (يعني انشغفت). وقال: أجز يا ربيع. فقال: إلى مناهلها لو أنها طلق (أي غير مقيدة). فقال النابغة: أنت يا ربيع أشعر الناس. ولنعد هنا الأبيات مرتبة منها الصدر للنابغة والعجز للربيع، وهي :
كادت تهال من الأصوات راحلتي
Halaman tidak diketahui