(1) قال أبو عبد الرحمن كل من يقرأ سيرة هذه السيدة رضوان الله عليها يدرك مبلغ العلم الذي بلغته، ولا عجب في ذلك فهي حبيبة رسول رب العالمين صلوات الله وسلامه عليه، وقد حرص المصطفى عليه الصلاة والسلام على تثقيفها وتعليمها وهي التي ترعرعت في مهبط الوحي ومنبع العلم.
و"كان الناس يرون علم عائشة قد بلغ ذروة الإحاطة والنضج في كل ما اتصل بالدين من قرآن وحديث وتفسير وفقه..
ومع حمل الأصحاب إلى الأمصار طائفة صالحة من الأحاديث والأحكام حتى كانوا ثمة مرجع طلاب العلم ورواة الحديث، بقيت المدينة - لأسباب أهمها وجود السيدة نفسها فيها - دار الحديث ومنبع العلم، فحين يشكل على أهل الأمصار أمر من الأمور، يكتبون إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجاز يسألونهم عن حكم الله فيه، فكان هؤلاء إذا فاتهم شيء رجعوا إلى علماء بينهم اشتهروا بحمل العلم وفقهه كعبد الله بن عمر وأبي هريرة وابن عباس.... ومقام السيدة بينهم مقام الأستاذ من تلاميذه، فكان عمر بن الخطاب يحيل عليها كل ما تعلق بأحكام النساء أو بأحوال النبي البيتية، لا يضارعها في هذا الاختصاص أحد من النساء على الإطلاق. ويصل إلى مسمع السيدة عائشة عن أولئك الصحابة العلماء روايات وأحكام على غير وجهها، فتصحح لهم ما أخطأوا فيه أو تبين ما خفي عليهم، حتى اشتهر ذلك عنها، فصار من شك في رواية أتى عائشة سائلا، وإن كان بعيدا كتب إليها يسألها. ومن هنا طار لها ذلك الصيت في التمكن من العلم، ورجع إلى قولها كبار الصحابة كأبي بكر وعمر وابنه وأبي هريرة وابن عباس وابن الزبير. وقد نقل عنها وحدها ربع الشريعة على ما يقول الحاكم في مستدركه". (عائشة والسياسة - سعيد الأفغاني ص21-22).
وننقل للإخوة بعض شهادات الصحابة والتابعين التي توضح مدى سعة علم هذه السيدة رضوان الله تعالى عليها:
1 - عن أبي موسى رضي الله عنه قال: ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حديث قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما.
2 - الأعمش: عن أبي الضحى، عن مسروق، قال: قلنا له: هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال: والله، لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض.
3 - كان عروة يقول لعائشة: يا أمتاه، لا أعجب من فقهك، أقول: زوجة نبي الله، وابنة أبي بكر، ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام الناس، أقول: ابنة أبي بكر، وكان أعلم الناس. ولكن أعجب من علمك بالطب كيف هو ومن أين هو، ......
4 - معاوية رضي الله عنه: والله ما سمعت قط أبلغ من عائشة، ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم.
5 - عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة أفقه الناس، وأحسن الناس رأيا في العامة.
6 - الزهري: لو جمع علم عائشة إلى علم النساء، لكان علم عائشة أفضل.
ومن أراد الاستزادة فلينظر: سير أعلام النبلاء 2/179-189 .
Halaman 11