ثم قدم دمشق في حدود سنة أربعين وخمسمائة بكتبه فنزل على الحافظ ابن عساكر فسُرَّ بقدومه لأنه كان اتكل عليه في كثير مما سمعا. فحدث في دمشق "بالصحيحين".
قال أبو سعد السمعاني: كنت أنس به كثيرا. كان أحد العُبَّاد، خرجنا معا إلا نوقان لسماع "تفسير الثعلبي" فلمحت منه أخلاقا وأحوالا قلما تجتمع في ورع، وعلقت عنه الكثير.
وقال ابن عساكر: نُدب للتدريس بحماة فمضى إليها، ثم ندب للتدريس بحلب فدرس بمدرسة ابن العجمي، وكان ثبتا صلبا في السنة.
٤ - علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله، أبو القاسم الدمشقي المعروف بابن عساكر (^١) (م ٤٩٩ - ٥٧١ هـ).
صاحب تاريخ دمشق والتصانيف الكثيرة البديعة، من العلماء الأعلام، والحفاظ المتقنين، نبغ في فنون متنوعة، رحل وطوّف في الآفاق في طلب العلم والسماع وسمع بنيسابور من أبي عبد الله الفراوي، وأبي محمد السيدي، وزاهر بن طاهر الشحامي، وعبد المنعم القشيري، خلق غيرهم. عدد شيوخه الذين رتبهم في "معجمه" ألف وثلاثمائة شيخ بالسماع، وستة وأربعون شيخا أنشدوه، ومائتان وتسعون شيخا بالإجازة، وبضع وثمانون امرأة (^٢).
وحدّث ببغداد والحجاز وأصبهان ونيسابور ولازم الدرس والتفقه بالنظامية ببغداد، وصنف وجمع فأحسن وأجاد وأملى أربعمائة مجلس وثمانية.