210

Shifa

الشفا بتعريف حقوق المصطفى - مذيلا بالحاشية المسماة مزيل الخفاء عن ألفاظ الشفاء

Penerbit

دار الفيحاء

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

١٤٠٧ هـ

Lokasi Penerbit

عمان

«رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّارًا» «١» وَلَوْ دَعَوْتَ عَلَيْنَا مِثْلَهَا لَهَلَكْنَا مِنْ عِنْدِ آخرنا، فلقد وطيء ظَهْرُكَ، وَأُدْمِيَ وَجْهُكَ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُكَ، فَأَبَيْتَ أَنْ تَقُولَ إِلَّا خَيْرًا، فَقُلْتَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» . قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ: انْظُرْ مَا فِي هَذَا الْقَوْلِ مِنْ جِمَاعِ الْفَضْلِ وَدَرَجَاتِ الْإِحْسَانِ، وَحُسْنِ الْخُلُقِ، وَكَرَمِ النَّفْسِ، وَغَايَةِ الصَّبْرِ وَالْحِلْمِ. - إِذْ لَمْ يَقْتَصِرْ ﷺ عَلَى السُّكُوتِ عَنْهُمْ، حَتَّى عَفَا عَنْهُمْ، ثُمَّ أَشْفَقَ عَلَيْهِمْ وَرَحِمَهُمْ، وَدَعَا، وسفع لَهُمْ، فَقَالَ: «اغْفِرْ» أَوِ «اهْدِ» . ثُمَّ أَظْهَرَ سَبَبَ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ بِقَوْلِهِ «لِقَوْمِي» ثُمَّ اعْتَذَرَ عَنْهُمْ بِجَهْلِهِمْ، فَقَالَ «فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» . وَلَمَّا قَالَ لَهُ الرَّجُلُ «٢»: «اعْدِلْ فَإِنَّ هَذِهِ قِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ» لَمْ يَزِدْهُ في جوابه أن بين لَهُ مَا جَهِلَهُ، وَوَعَظَ نَفْسَهُ، وَذَكَّرَهَا بِمَا قال له.

(١) سورة نوح «٢٦» . (٢) المنافق وهو ذو الحويصرة حرقوص بن زهير التميمي قتل في الخوارج يوم النهروان على يد علي كرم الله وجهه.

1 / 222