عن أبي علي: لا أنه نجس على الحقيقة كما يقال: فلان كلب وفلان خنزير وفلان حمار أي يشبه هذه الأشياء وإن لم يكن كذلك حقيقة، ولفظ النجس والنجاسة لفظة مصطلح عليها بين علماء الشرع فيما يجب غسله، وليست هذه اللفظة تفيد ذلك في أصل اللغة ولا في عرفها، بل النجس عند أهل اللغة يستعمل حقيقة فيما يستقذر ويستعمل عندهم أيضا فيما يختص بالأفعال الردية والأعمال الدنية، فيقولون بأنه نجس أي أنه يفعل ما هو نجس وهو الأفعال الردية، والمعنى أن النجس في اللغة هو القذر، وبه فسروا قول الله تعالى:{إنما المشركون نجس}[التوبة:28] ذكره أهل اللغة، ولم يرد الشرع له بوضع آخر سوى ما هو موضوع في أهل اللغة.
وأما اصطلاح علماء الشرع فليس بوضع شرعي فلا يجوز حمل خطاب الحكيم عليه؛ لأن الوضع الشرعي هو ما ورد من صاحب الشرع كلفظ الصلوات، والصوم، والزكاة، والحج، في المعاني التي تتناولها هذه الألفاظ شرعا.
وأما الاحتجاج بقول الصحابة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أنزل وفد ثقيف المسجد: قوم أنجاس وأنهم عقلوا من الشرع نجاسة الكافر، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقرهم على ذلك.
فالجواب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بين لهم المعنى بقوله: ((إنه ليس على الأرض من أنجاس الناس شيء إنما أنجاس الناس على أنفسهم)) فبين عليه السلام أن نجاستهم مقصورة عليهم، وأنها لا تتعداهم إلى الأرض، فدل على أنهم لو رطبوا المسجد برطوباتهم لم يتنجس بها؛ لأنه ليس على الأرض من نجاستهم شيء وهذا واضح.
(خبر) ولما ثبت أن أبا سفيان كان يدخل مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو مشرك، وأن وفد نجران نزلوا المسجد بعد نزول هذه الآية.
(خبر) ولما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ربط مشركا إلى سارية من سواري المسجد.
(خبر) وروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم توضأ من مزادة مشركة، وليس في الخبر أنه أمر بغسلها قبل أن يتوضأ منها.
Halaman 73