وإذا كان كذلك، لم يكن وقوع اسم الوجود على هذه العشرة وقوع الاسم المتفق؛ وليس أيضا وقوع الاسم المتةاطىء؛ فإن حال الوجود فى هذه العشرة ليست حالا واحدة بل الوجود لبعضها قبل ولبعضها بعد. وأنت تعلم أن الجوهر قبل العرض؛ والوجود لبعضها أحق؛ ولبعضها بأحق. فأنت تعلم أن الموجود بذاته أحق بالوجود من الموجود بغيره، والموجود لبعضها أحكم، ولبعضها أضعف؛ فإن وجود القار منها، كالكمية والكيفية أحكم من وجود ما لا استقرار له، كالزمان وأن ينفعل؛ فليس وقوع الوجود عليها وقوعا على درجة واحدة كوقوع طبائع الأجناس على أنواعها الذى هو بالتواطؤ المحض؛ فهو إذن غير جنس. ولو كان متواطئا لم يكن أيضا جنسا؛ فإنه غير دال على معنى داخل فى ماهيات الأشياء؛ بل أمر لازم لها. ولذلك ما إذا تصورت معنى المثلث فنسبت إليه الشكلية ونسبت اليه الوجود، وجدت الشكلية داخلة فى معنى المثلث؛ حتى يستحيل أن تفهم المثلث أنه مثلث إلا وقد وجب أن يكون قبل ذلك شكلا؛ فكما تتصور معنىالمثلث لا يمكن إلا أن تتصور أنه شكل أولا؛ ولا يجب مع ذلك أن تتصور أنه موجود. ولست تحتاج فى تصورك ماهية المثلث أن تتصور أنه موجود كما تحتاج أن تتصور أنه شكل. فالشكل للمثلث لأنه مثلث وداخل فى قوامه؛ فلذلك يتقوم به خارجا وفى الذهن وكيف كان؛ وأما الوجود فأمر لا تقوم به ماهية المثلث؛ فلذلك يمكنك أن تفهم ماهية المثلث وأنت شاك فى وجوده حتى يبرهن لك أنه موجود أو ممكن الوجود فى الشكل الأول من كتاب أوقليدس. ولا يمكنك لذلك أن تفعل ذلك فى شكليته؛ فما كان مثل الشكلية فهو من المعانى المقومة للماهية؛ وما كان مثل الوجود فليس مقوما للماهية. ولو كان الوجود لا يفارق فى ذهنك أيضا المثلث لكان أمرا لاحقا للمثلث من خارج؛ ولذلك يستحيل أن يطلب ما الشىء الذى جعل المثلث مثلثا أو المثلث شكلا؛ ولا يستحيل أن يطلب ما الشىء الذى جعل المثلث موجودا فى الذهن أو فى خارج.
Halaman 67