البياض مقارنا لهذا الشيء ناعتا له. وهذا معنى قولنا: الصفة في الموصوف، وتكون مع ذلك لا تفارقه وليست جزءا من ذلك الشيء الذي هو الطويل العريض، فيكون البياض والحرارة عرضا إلا أنه لازم. فيبقى الكلام في أن من طبيعته أن يفارق أيضا، فقد تبين أن الكيفيات التي هي المحسوسة أعراض، وهذا مبدأ للطبيعيات. وأما الاستعدادات فأمرها واضح، وأما التي تتعلق بالنفس وذوات الأنفس فقد تبين في الطبيعيات أنها أعراض تقوم في أجسام، وذلك حين تكلمنا في أحوال النفس.
الفصل الثامن (ح) فصل في العلم وأنه عرض.
وأما العلم فإن فيه شبهة، وذلك لأن لقائل أن يقول: إن العلم هو المكتسب من صور الموجودات مجردة عن موادها، وهي صور جواهر وأعراض. فإن كانت صور الأعراض أعراضا، فصور الجواهر كيف تكون أعراضا؟ فإن الجوهر لذاته جوهر فماهية جوهر لا تكون في موضوع البتة وماهيته محفوظة سواء نسبت إلى إدراك العقل لها أو نسبت إلى الوجود الخارجي. فنقول: إن ماهية الجوهر جوهر بمعنى أنه الموجود في الأعيان لا في موضوع، وهذه الصفة موجود لماهية الجواهر المعقولة، فإنها ماهية شأنها أن تكون موجود في الأعيان لا في موضوع، أي أن هذه الماهية هي معقولة عن أمر وجوده في الأعيان أن يكون لا في موضوع. وأما وجوده في العقل بهذه الصفة فليس ذلك في حده من حيث هو جوهر، أي ليس حد الجوهر أنه في العقل لا في موضوع، بل حده أنه سواء كان في العقل أو لم يكن فإن وجوده في الأعيان ليس في موضوع. فإن قيل: فالعقل أيضا من الأعيان، قيل: يراد بالعين التي إذا حصل فيها الجوهر صدرت عنه أفاعيله وأحكامه. والحركة كذلك ماهيتها أنها كمال ما بالقوة، وليست في العقل حركة بهذه الصفة حتى يكون في العقل كمال ما بالقوة كم جهة كذا حتى تصير ماهيتها محركة للعقل، لأن معنى كون ماهيتها على هذه الصورة هو أنها ماهية تكون في الأعيان كمالا لما بالقوة وإذا عقلت فإن هذه الماهية تكون أيضا بهذه الصفة، فإنها في العقل ماهية تكون في الأعيان كمال ما بالقوة، فليس يختلف كونها في الأعيان وكونها في العقل، فإنه في كليهما على حكم واحد فإنه في كليهما ماهية توجد في الأعيان كمالا لما
Halaman 70