إليها. ولهذا نجمع الحس والتحرك معا في حده، ونجعل الحس كأنه معنى يجمع الحس الظاهر والباطن، أو يقتصر على الحس فيكون دالا على جميع ذلك لا بالتضمن بل بالالتزام. وقد سلف لك بيان هذا وما أشبه، فليس الحس بالحقيقة فصل الحيوان، بل أحد شعب فصله وأحد لوازمه. وإنما فصله وجود النفس التي هي مبدأ هذا كله له، وكذلك الناطق للإنسان. لكن عدم الأسماء وقلة شعورنا بالفصول يضطرنا - إما هذا وإما ذاك - إلى الإنحراف عن حقيقة الفصل إلى لازمه. فربما اشتققنا اسمه من لازمه، فعنينا بالحساس الذي له المبدأ الذي ينبعث منه الحس وغيره، وربما كان الفصل نفسه مجهولا عندنا، ولم نشعر إلا بلازمه. وليس كلامنا في هذه الأمور على حسب ما نعقل نحن ونصنع ونتصرف فيها نحن، بل من جهة كيفية وجودها في أنفسها. ثم لو كان ليس للحيوان نفس إلا الحساسة كان كونه جسما ذا حس ليس جنسا بمعنى الطبيعة الجسمية والحسية بشرط أن يكون هو فقط، بل على النحو الذي قلنا. فاتحاد الفصل بالجنس ليس إلا على أنه شيء كان يتضمن الجنس بالقوة لا يلزم الجنس بالقوة، واتحاد المادة بالصورة أو الجزء بالجزء الآخر في المركب فإنما هو اتحاد شيء بشيء خارج عنه لازم أو عارض. فتكون الأشياء التي يكون فيها اتحاد على أصناف. أحدها، أن يكون كاتحاد المادة والصورة فتكون المادة شيئا لا وجود له بانفراد ذاته بوجه، وإنما يصير بالفعل بالصورة على ان يكون الصورة أمرا خارجا عنه، ليس أحدهما الآخر، ويكون المجموع ليس ولا واحد منهما. والثاني، اتحاد أشياء يكون كل واحد منها في نفسه مستغنيا عن الآخر في القوام، إلا أنها تتحد فيحصل منها شيء واحد إما بالتركيب وإما بالاستحالة والامتزاج. ومنها، اتحاد أشياء بعضها لا يقوم بالفعل إلا بما انضم إليه، وبعضها يقوم بالفعل؛ فيقوم الذي لا يقوم بالفعل ويجتمع من ذلك جملة متحدة، مثل اتحاد الجسم والبياض. وهذه الاقسام كلها لا تكون المتحدات منها بعضها بعضا، ولا جملتها أجزاؤها، ولا يحمل البتة شيء منها على الآخر حمل التواطؤ. ومنها اتحاد شيء بشيء، قوة هذا الشيء منهما أن يكون ذلك الشيء، لا أن ينضم إليه. فإن الذهن قد يعقل معنى يجوز أن يكون ذلك المعنى نفسه أشياء كثيرة كل واحد منها ذلك المعنى في الوجود، فينضم إليه معنى آخر تعين وجوده بان يكون ذلك المعنى متضمنا فيه، وإنما يكون آخر من حيث التعيين والإبهام لا في الوجود. مثل المقدار فإنه معنى يجوز أن يكون هو الخط والسطح والعمق، لا على أنه يقارنه شيء فيكون مجموعهما الخط والسطح والعمق، بل على أن يكون نفس الخط ذلك أو نفس السطح ذلك.وذلك لأن معنى المقدار هو شيء يحتمل مثل المساواة، غير مشروط فيه أن يكون هذا
Halaman 119