قوله: (وبطَلَ فَرْضٌ عَلَى ظَهْرِهَا) فيه ثلاث نكت:
الأولى: ظاهره ولو كان بين يديه قطعة من سطحها وهو صحيح، فإن أهل المذهب لا يفصلون فِي ذلك خلافًا لأبي حنيفة (١). ولله درّ ابن عرفة حيث قال: ونقل ابن شاس عن [المازري] (٢) عن أشهب: إن كان بين يديه قطعة من سطحها فكجوفها (٣)، واتباع ابن الحاجب (٤) وشارحيه له وهم؛ إنما نقله المازري عن أبي حنيفة، لا يقال إجراءه عَلَى السمت يوجب بقاء جزء من سطحها، وإلا فلا سمت؛ لأن شاذروانه (٥) منه فهواؤه سمت. انتهى.
وقد وقفت عليه فِي " شرح التلقين " منسوبًا لأبي حنيفة لا لأشهب، وممن تبع ابن شاس فِي ذلك القرافي فِي " ذخيرته " (٦).
الثانية: ظاهره أيضًا أن النفل عَلَى ظهرها صحيح وفاقًا لابن الجلاب (٧) خلافًا لابن حبيب.
الثالثة: الفرض فِي مطمورة فِي جوفها أحرى بالبطلان، فقد قال فِي " الطراز ": لو جوّزنا الصلاة فِي الكعبة أو عَلَى ظهرها لَمْ تجز فِي سرب تحتها أو مطمورة؛ لأن البيوت شأنها أن ترفع وليس شأنها أن تنزل؛ ولذلك حكمنا بأن سطوح المساجد كالمساجد فِي الأحكام، بخلاف ما لو حفر تحتها بيتًا فإنه يجوز أن تدخله الحائض والجنب (٨).
_________
(١) قال في الهداية شرح البداية، للمرغياني: (ومن صلى على ظهر الكعبة جازت صلاته): ١/ ٩٥
(٢) في (ن ١): (ابن المواز).
(٣) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: ٩٤/ ١.
(٤) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: ٩١.
(٥) الشاذروان: بفتح الذال من جدار البيت الحرام، وهو الذي تُرك من عرض الأساس خارجًا، ويسمى تأزيرًا؛ لأنه كالإزار للبيتِ الشَّذَى. انظر: المصباح المنير، للفيومي: ١/ ٣٠٧.
(٦) انظر: الذخيرة، للقرافي: ٢/ ١١٥.
(٧) في (ن ١): (الحاجب)، وانظر ما لابن الجلاب في: التفريع: ١/ ١٢٢.
(٨) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: ٩١، والذخيرة، للقرافي: ٢/ ١١٥.
1 / 177