قوله: (لا إجَالَةُ خَاتَمِهِ ونَقض غَيْرُهُ) (نَقضَ) بالضاد المعجمة فعل مبني للفاعل أو للنائب وهذا أمثل ما يضبط به وأبعد من التكلّف، والضمير فِي قوله (غَيْرُهُ) للخاتم، وهو من صيغ العموم، إذ هو اسم جنس أضيف أي: ونقض ونزع غير الخاتم من كلِّ حائل فِي يد أو غيرها، فيندرج فيه ما يجعله الرماة. وغيرهم فِي أصابعهم من عظمٍ ونحوه، وما يزين به النساء وجوههن [وأصابعهن] (١) من النقط الذي له تجسّد، وما يكثّرن به شعورهن من الخيوط، وما يكون فِي شعر الرأس من حناء وحلتيت (٢) أو غيرهما، مما له تجسّد، أو ما يلصق بالظفر أو الذراع أو غيرهما من عجين، أو زفت أو شمع أو نحوها.
وكونه لَمْ يذكر شيئًا من هذه الأمور بعينه فِي هذا المختصر دليل عَلَى صحة هذا الضبط، وإرادة هذا العموم أو بعضه؛ ولا سيما الحناء فإنه سكت عن تعيينه مع كونه فِي " المدوّنة " و" مختصر " ابن الحاجب، ومشاهير الكتب، وما كان هكذا لا يسكت عنه غالبًا إلاّ إِذَا أدرجه فِي عموم.
فإن قلت: لما تحدّث ابن رشد عَلَى الخاتم فِي رسم مساجد القبائل من سماع ابن القاسم - ذكر فِي من توضأ، وقد لصق بظفره أو بذراعه الشيء اليسير من العجين أو القير أو الزفت قولين، وقال: الأظهر منهما تخفيف ذلك عَلَى ما قاله أبو زيد بن أبي أمية فِي بعض روايات " العتبية " ومحمد بن دينار فِي المدوّنة [المدنية] (٣) خلاف قول ابن القاسم فِي " المدوّنة "، وظاهر قول أشهب فِي بعض روايات " العتبية "
قلت: لا خفاء أن هذا فِي اليسير بعد الوقوع، وأما ابتداءً فلابد من إزالته، وكون ابن رشد ذكر هذا الفرع عند كلامه عَلَى الخاتم مما يؤيد ما حملنا عليه لفظ المؤلف، وأما المداد (٤)
_________
(١) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن ٣).
(٢) الحلتيت: نبات يَسْلَنْطِحُ، والحِلْتِيتُ: صمغ، وله بقلة تطبخ. انظر: لسان العرب، لابن منظور: ٢/ ٢٥.
(٣) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن ١)، و(ن ٢)، و(ن ٣).
وكتاب " المدنية ": لعبد الرحمن بن دينار، المتوفى سنة ٢٠١ هـ وهو الذي أدخل الكتب المعروفة بالمدنية، سمعها منه أخوه عيسى، ثم خرج بها عيسى فعرضها على ابن القاسم. انظر: اصطلاح المذهب عند المالكية، ص: ٨٥.
(٤) في (ن ١)، و(ن ٢): (المدارك).
1 / 137