بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين، ربِّ يسّر يا كريم. آمين
قال الشيخُ، الفقيهُ، الإمامُ، العالمُ، العلاَّمة، الحافظُ المتقنُ، المحقِّقُ، البليغُ، الصالحُ، الفاضلُ المتبركُ به، الصدر الأوحد، ترجمان الفقهاءِ، ورئيس النُبَهاءِ، أبوعبدالله محمد بن أحمد بن محمد بن محمد علي بن غازي العثماني المكناسي، غفر الله له، وتغمده برحمته، وتجاوز عنه بمنه وكرمه وفضله، وأبقى بركته، ورضي عنه، ونفعنا به وبأمثاله (١):
الحمدُ للهِ الذي منّ علينا بنعمة الإسلام، وجعلنا من أمة نبينا محمدٍ ﵊؛ فبيّن لنا ﷺ الحدود والأحكام، وفصّل لنا الحلال والحرام، وأورث علماءنا من معارفه ما جلّو به عنّا غياهب الظلام، وكشفوا به عن أبصار بصائرنا سدف (٢) الغمام، فصنّفوا لنا في ذلك المطولات الضخام، والمختصرات الصغيرات الأجرام، جزاهم الله تعالى عنّا أفضل ما جزى إمامًا عن ذوي إئتام، وجعلنا وإياهم في مستقر رحمته بدار السلام أما بعد:
فإنّ مختصر الشيخ العلامة خليل بن إسحاق أفضل نفائس الأعلاق، وأحقّ ما رمق بالأحداق، وصرفت إليه همم الحذّاق؛ إذ هو عظيمُ الجدوى، بليغُ الفحوى، مُبين لما به الفتوى، أو ما هو المرجّح الأقوى، قد جمع الاختصار في شدة الضبط والتهذيب، وأظهر الاقتدار في حسن المساق والترتيب، فما نسج أحدٌ على منوالهِ، ولا سمحت قريحةٌ بمثالهِ، ولله درّ الشيخ الأديب البارع أبي الحسن عليّ بن أبي حمامة السلوى إذ يقول فيه:
خَلَلت من قلبي مسالك نفسه ... والروْحَ قد أحكمتَهُ تخليلا
أخليلُ إني قد وهبتك خلة ... ما مثلها يهب الخليل خليلا
فخليل نفسي من يود خليلها ... وخلاه ذم إن أحب خليلا
_________
(١) أدرجت في هذه المقدمة جُلّ ما حوته النسخ الخطيّة من ألقاب ونعوت إلى كنية المؤلف، واسمه ونسبه ﵀، ولم أشر إلى الفوارق بينها لعدم الفائدة.
(٢) السدف الظلمة، وهي المرادة هنا، وهي أيضا الضوء، فهى من الأضداد. انظر: لسان العرب، لابن منظور: ٩/ ١٤٦.
1 / 111