Sajak dan Pemikiran: Kajian dalam Sastera dan Falsafah
شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة
Genre-genre
من هذا العرض السريع المخل لمشكلة فلسفية واحدة في الشعر الحديث، وللعلاقة بين الفلسفة والشعر يمكننا أن نستخلص الملاحظات السريعة التالية: (1)
إن الفكر والشعر مرتبطان، فالقصيدة فكرة عيانية مجسدة في كلمات وإيقاعات وعلاقات وصور لها خصوصيتها النابعة من داخلها ومن تراثها اللغوي والأدبي، ومن شخصية صاحبها ومواقفه واتجاهاته المختلفة باعتباره ذاتا تاريخية تكون رؤاها وتجسدها لذوات تاريخية تتلقاها منها. وقد اهتمت الفلسفة منذ أرسطو بتوضيح ماهية الشعر وبنيته ووظيفته وتأثيره، واهتم الفلاسفة المسلمون بشرح كتاب أرسطو وتلخيصه، كما أثر على البلاغيين العرب مثل (قدامة وعبد القاهر وحازم القرطاجني)، وعلى الشعراء كأبي تمام والمتنبي. بيد أننا لم نهتم بعد الاهتمام الكافي بتأسيس «فن شعر» أو فلسفة للشعر العربي الحديث ولا باستخلاص الاتجاهات الفلسفية في مواقف شعرائنا من الواقع والحياة والزمن والمجتمع (باستثناء كتاب الدكتور إحسان عباس عن اتجاهات الشعر العربي المعاصر الذي يعد بداية طيبة على الطريق الطويل، وبعض بحوث الدكتور شكري محمد عياد ومقالاته الأخيرة عن الشعر الحديث). (2)
إن مواقف الشعراء من الاغتراب متعددة يصعب إدراجها تحت تيار أو اتجاه فلسفي بعينه؛ لأنها تختلف من شاعر لآخر كما تختلف عند الشاعر الواحد مع تطوره، وقد يتداخل أكثر من تيار أو اتجاه فلسفي في القصيدة الواحدة. ولهذا ينبغي التزام الحذر عند استخلاص الأفكار الفلسفية من القصيدة، كما يجب علينا أن نقترب بتأن وخشوع من البنية الحية التي نسميها القصيدة، ولا ننسى أبدا أن الشعر الحديث بوجه عام يوحي أكثر بكثير مما يفهم، ويكون أولا قبل أن يعني شيئا، كما أن إيحاءه وغموضه وغرابة بنائه ولغته وصوره جزء من فلسفته وفلسفة الواقع الحديث المضطرب. (3)
إن الشعر العربي المعاصر كان أجرأ من كل فنون القول الأدبي والفكري على كشف الواقع والتنبيه إلى السقوط والانهيار والتمزق في محنة الوجود العربي في السنوات الثلاثين الأخيرة. والتحليل الفلسفي لهذا الشعر سيساعد على بلورة الاتجاهات الفلسفية التي أثرت عليه وعلى العقل والوجدان العربي في الثلث الأخير من هذا القرن، وموقفنا من هذه الاتجاهات - وهو موقف غلب عليه التأثر والترديد وندر فيه النقد أو انعدم - وربما يكون في ذلك نوع من المراجعة النقدية للاتجاهات الفلسفية الوافدة أو السائدة، ونوع من الاستقلال عنها نتعلمه من شعرائنا الكبار الذين اتسمت استجاباتهم لها بالأصالة والتحرر والتفرد. (4)
لقد كان الشعر العربي المعاصر - كما قدمت - أعمق تبصرا بأزمة التاريخ العربي من كل فنون القول الأخرى، والشعر بوجه خاص والأدب بوجه عام - هو في أعمق أعماقه أو في بنيته الأعمق رسالة أو دعوة لتغيير الوعي الجماعي والسلوك الاجتماعي - (وإن كان ذلك لا يتم عند الأديب والشاعر المبدع إلا بطريقة معقدة وغير مباشرة ولا واعية). فماذا كانت رؤية شعرنا الجديد لوعينا الاجتماعي وواقعنا التاريخي منذ انطلاقته الحاسمة في الخمسينيات؟ إن الدراسة الفلسفية يمكن أن تساعدنا على التبصر بهذا الواقع وأزماته وسبل إنقاذه إذا استطعنا أن نترجم حدوس الشعراء وصورهم ورموزهم إلى أفكار منسقة، ولعلها تساعد كذلك على تجديد الحياة الفلسفية، وتخليصها من الانغلاق والعقم المدرسي.
ومن يدري؟ فربما تعجل بميلاد فلسفة عربية لا تزال في المخاض، أو تعينها - إذا كانت قد ولدت بالفعل - على أن تحبو خطواتها الأولى، وتسعى إلى مدارج الشباب والنضوج.
جوته وعصره1
أما عن جوته (فرانكفورت 1749-فايمار 1832م)، فهو شاعر الألمان الأكبر، صاحب فرتر وفاوست والديوان الشرقي وفيلهلم ميستر، وما لا حصر له من الأشعار الغنائية والقصصية والفلسفية والمسرحيات بأشكالها المختلفة والقصص القصير والطويل والكتابات العلمية عن الضوء والألوان، وتحولات النبات والمعادن بجانب آلاف الصفحات من الرسائل والأحاديث والمذكرات والمراجعات. لم يكن جوته مجرد ظاهرة فريدة في الأدب الألماني والأوروبي فحسب، وإنما كان ظاهرة إنسانية بالمعنى الشامل لهذه الكلمة. لهذا لم يكن من قبيل المصادفة أن يطلق اسمه على عصر بأكمله هو عصر ازدهار الأدب والثقافة الكلاسيكية في ألمانيا.
وأما جورج لوكاش فهو الناقد الماركسي وفيلسوف الفن والجمال المشهور الذي عرفت له اللغة العربية قبل هذا الكتاب كتبا أخرى مثل «الرواية التاريخية» و«الواقعية الأوروبية المعاصرة» (من ترجمة الدكتور أمين العيوطي)، ودراسات في الواقعية الأوروبية (من ترجمة الدكتور أمير إسكندر ومراجعة كاتب هذه السطور) كما يعرفه كل المشتغلين بنظرية الأدب وفلسفة الفن. ولد لوكاش سنة 1885م في بودابست، وحصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعتها سنة 1906م. ثم درس بعدها على يدي فيلسوف الحياة جورج زيميل وفيلسوف الاجتماع ماكس فيبر في هايدلبرج. ولم يلبث أن ذاع صيته كواحد من أهم نقاد الأدب في أوروبا بعد صدور كتابيه الروح والأشكال (1911م) «ونظرية الرواية» (1920م). وعندما انضم إلى الحزب الشيوعي المجري عام 1918م عين مفوضا للثقافة والتربية في حكومة بيلاكون الشرعية التي انهارت في أغسطس سنة 1919م. وفي سنة 1923م أصدر الكتاب الذي عرف به حتى اليوم وهو «التاريخ والوعي الطبقي». وقد أثار هذا الكتاب ثائرة النقاد الماركسيين الحرفيين، ووصفوه بالانحراف والخروج على المذهب مما أدى إلى طرده من الحزب وصحيفته. ولما استولى هتلر على السلطة لجأ إلى روسيا وشارك بالعمل في معهد الفلسفة للأكاديمية السوفيتية للعلوم من سنة 1933 إلى 1944م. ورجع إلى بلده بعد انتهاء الحرب الثانية، وأصبح عضوا في البرلمان، وأستاذا في فلسفة الجمال. وفي 1956م شارك في الانتفاضة الشعبية التي سحقها الجيش الروسي، وعمل وزيرا للثقافة في حكومة أمري ناجي التي لم تعمر طويلا. ونفي لوكاش إلى رومانيا ثم سمح له بالعودة إلى بودابست، حيث اعتزل الحياة العامة، وعكف على تأليف كتابه الضخم في فلسفة الجمال إلى أن مات في سنة 1971م. •••
صدر هذا الكتاب الذي نعرض له سنة 1947م، في وقت اشتدت فيه النزعة القطعية المتزمتة أو الاتجاه الستاليني في النقد الأدبي الماركسي والواقعية الاشتراكية. فهل تناول لوكاش أدب جوته وعصره بهذه النظرة المتشددة - لا سيما بعد الحملات المتكررة التي تعرض لها، والاعترافات المتتالية التي اضطر إليها - أم عالجه من وجهة نظره الماركسية المتفتحة التي انطبعت منذ البداية حتى النهاية بطابع هيجلي وإنساني لم تتخل عنه؟ سوف نناقش هذه القضية بعد أن نفرغ من عرض الكتاب عرضا حرا نحاول فيه أن نقرب بعض إنتاج جوته للقارئ الذي لم يطلع عليه. •••
Halaman tidak diketahui