238

Sajak dan Pemikiran: Kajian dalam Sastera dan Falsafah

شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة

Genre-genre

اليأس يولد الأمل، والأمل يولد الصراع. وفي الصراع يتحول اليأس إلى أمل فعال.

إن ضياع الوفرة الأصلية منا يمكن أن يكون شيئا من صنع الإنسان نفسه، فمن المحتمل أن تكون قد ضاعت بسبب أخطاء ارتكبها أو ذنب اقترفه. لهذا يرتبط ضياع الوفرة الأصلية واليأس بالشعور بالذنب. ولهذا أيضا يقوم الصراع من أجل استعادة ما ضاع على الجهد المبذول للوصول إلى الخلاص من الذنب، أي للوصول إلى الغفران، ويرتبط بهذا الجهد أيضا أن نحاول تجنب الوقوع في أي ذنب آخر. غير أننا لا ننجح أبدا في ذلك كل النجاح، وذلك لأننا موجودون دائما في الذنب واليأس. ولهذا السبب على التحديد كان الغفران هو محو الذنب الأساسي أو الأصلي، وإلغاء الذنب العيني المحدد.

ويرتبط كذلك بالأمل الفعال الذي لا يتوقف عن الصراع أن العذاب الذي ينطوي عليه اليأس والصراع يعد نوعا من الانتقال إلى الخلاص. ذلك هو الطابع الإيجابي للعذاب، للعذاب نفسه من حيث هو بداية الخلاص، وللصراع الذي يعد سيرا على الطريق نحو الخلاص، وذلك من حيث هو صراع مقترن بالعذاب، وعذاب تقبله الإنسان برضاه، ومن ثم فهو عذاب فعال. (29)

نلاحظ من هذا كيف يتجلى في الدراما الأصلية للأسطورة ما اتفقنا على تسميته بتاريخ النجاة أو تواريخ النجاة.

17

ولكن هذا لا يمنع أن تواريخ النجاة - وهذه ملاحظة مهمة - يمكن بغير شك أن تكتسب طابعا سياسيا، وتعبر عن جوانب سياسية بالمعنى الواسع لهذه الكلمة الأخيرة. (30)

بيد أن المهمة التي تضطلع بها فلسفة الظاهريات (الفينومينولوجيا) ليست هي تفسير تواريخ (قصص) النجاة. والتحليل الظاهراتي للأسطورة - الذي ألقينا الضوء على الأسس التي يقوم عليها - سوف يجيب عن الأسئلة التالية: ما الوسائل والمناهج التي تعين على تصور تواريخ (قصص) النجاة؟ وكيف تبدو أبنيتها الأساسية؟ إن تواريخ النجاة أساطير رحبة شاملة. ونحن نجد بجانبها أساطير جزئية، بل إن هناك أساطير شخصية. وسوف يتعين على فلسفة الظاهريات أن تلقي الأضواء على مضامينها، وتكشف عن قيمتها ودلالتها على وجودنا الإنساني.

شهادة1

(1)

من السهل أن أذكر عددا كبيرا من الكتاب الذين أحببتهم، سواء من أدبنا أو من الآداب العالمية. وربما سميت بعضهك في النهاية، على الرغم مما في ذلك من غرور وتظاهر أستغفر الله من ذنبهما، لكنني أحب في البداية أن أصارحك بما قد يغضبك ويغضب النقاد. فالأديب يكون بالفطرة أو لا يكون. وإذا لم تكن لديه الموهبة فلن تجعل منه آلاف الكتب أديبا. قد يتقن مهارات شكلية، وبراعات تقنية، وقد يقتبس من هنا، وينقل من هناك، ويتأثر بهذا أو بذاك. ربما يصبح حرفيا وصاحب أسلوب، وربما تدق له الطبول، ويخدع فيه الجمهور المتطلع لكل جديد، ولكنه لن يكون في رأيي أديبا أصيلا، له رسالته ورؤيته ومشروعه الأصيل. لن يقترب من دائرة النار المقدسة التي يتوهج فيها المطلق، وتسطع الحقيقة، لن يقربنا منها أبدا مهما استعرض حيله وأدواته. أترك لك التفكير في عظام الأدباء الخالدين: هوميروس وأيسخيلوس وسوفوكليس، شعراء المعلقات، بل شيكسبير نفسه الذي يقال إن تاريخ بلوتارك كان منبعه الأكبر، أو منبعه الوحيد، بجانب بعض الحكايات والأساطير والروايات الشائعة في زمانه. هؤلاء وأمثالهم في مختلف الآداب والفلسفات لم يقرءا لكي يكتبوا (كما يفعل معظمنا اليوم بكل أسف)، بل كانت تكفيهم الفكرة أو الحكاية أو الحادثة، وربما الكلمة لتشعل عبقريتهم الطبيعية. أترك لك أيضا أن تتلفت حولك للماضي القريب أو الحاضر المشهود لتحكم على الكثيرين ممن يكتبون ويقولون، وليس عندهم ما يكتبون ولا ما يقولون، حتى ولو أزعجونا بأعمالهم الكاملة وأصواتهم العالية. إنما هي شطارات في عصر الشطار. هل معنى هذا أن أنكر دور القراءة في صقل الموهبة، وإتقان الصنعة والشكل والأسلوب ... إلخ؟ وكيف أفعل وأنا نفسي قارئ، كما أصبحت في السنين الأخيرة - بعد أن قل زادي من التجربة الحية، وانكسرت أجنحة المغامرة - أستمد تجاربي من القراءة، وأنفعل بالتاريخ أكثر مما أنفعل بالحياة، وأعيش مع الموتى الأحياء أكثر بكثير من الأحياء؟ ثم كيف أجرؤ على إنكار فضل القراءة ونحن جميعا أبناء التراث، نخرج من بطنه ونسبح في بحره، ثم نحاوره ونرد عليه أو نستوحيه ونعيد بناءه أو نهاجمه ونقاطعه أحيانا دون أن نفلت أبدا من خيمته؟ لست أذهب إلى هذا الحد بطبيعة الحال، لكنني أكرر إيماني السابق، لا بد أن يكون الأديب أولا نبتة ممتدة الجذور في الأرض، قاربا حساس الشراع في مهب الريح، ثم يأتي الكتاب والمعرفة والاطلاع كما يأتي الفلاح والملاح لرعاية النبتة وتوجيه القارب. أعوذ بالله من الكتب التي تخرج من الكتب، ومن المؤلفين الذين يعيدون تأليف كتب مات أصحابها، وشبعوا موتا. وأستغيث برحمته من هؤلاء «الكتاب» و«المفكرين» الذين تعد كتبهم بالعشرات، بينما هم أنفسهم غائبون في كوكب آخر، يعيشون في عصر الوراقين، وليتهم يملكون ذرة من تواضع أجدادهم وصبرهم النبيل! أتابع المصارحة التي بدأتها ومهدت بها لحقيقة بسيطة في حياتي. لم أنطلق من الكتب التي أصبحت لعنتي ومصيري ومنفاي الاختياري، وملجئي الوحيد من عالم لا يطاق، لقد كانت أمي التي لا تقرأ ولا تكتب هي كتابي الأول، وما زالت هي كتابي الوحيد والأخير ستضحك بطبيعة الحال، لكن هذه الأم المسكينة الطيب التي روت أرضي بحكاياتها هي التي حببت إلى «الحدوتة» أو الحكاية الشعبية التي لا زلت مجنونا بها في كل الآداب أستلهمها بعض ما أكتب. من فمها سمعت حكايات السندباد، وعبد الله البري، وعبد الله البحري، وعرفت الصياد والقمقم والعفريت وسيدنا سليمان والجواري والصيادين والنساك واللصوص والتجار. عرفتهم قبل أن ألتقي بهم وبغيرهم في ألف ليلة وليلة، وفي الحكايات الشعبية التي أعتز بمكتبة كبيرة منها. أعلم أنني لا أقول جديدا. فمعظم كتاب القصة يقولون هذا عن أمهاتهم أو جداتهم الطيبات، ولكنني أنطلق عن تجربة لا زالت حية، لم يطفئها الاشتغال بالفلسفة وتدريسها، ولم تزدها القراءات المستمرة إلا رسوخا (وربما كانت هي المسئولة عما يعرفه المقربون مني من بساطة أو براءة تصل - كما أعلم تماما - إلى حد البلاهة والغباء) ومع ذلك فإن جهدي الأكبر وسط عالمنا المزعج بالضوضاء والتلوث هو المحافظة عليها. وها أنا ذا يا صديقي أشبه ذلك البطل المسكين (سيمبليسيوس للروائي الألماني الأول جريملزهاوزن) الذي اكتوى بنيران حرب الثلاثين وظلماتها المضطربة، وراح يحاول أن ينتشل نفسه من المستنقع الذي وقع فيه، فأخذ يشد شعره ليخرج منه، لكن هل في إمكاننا أن ننتشل أنفسنا منه؟

Halaman tidak diketahui