Sajak dan Pemikiran: Kajian dalam Sastera dan Falsafah
شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة
Genre-genre
نضارة جديدة وموتا جديدا.
والعزلة الشريرة
التي يكتشفها في نفسه كل من يحب،
كأنها الآن قبر لا متناه
يفصلني إلى الأبد عنك.
حبيبتي، بعيدة أنت كما في مرآة ...
ولوركا يقول في إحدى قصائده: «ما أبعدني حين أكون قريبا منك، وما أقربني حين أكون بعيدا عنك.» والشاعر الألماني كارل كرولوف (1915م-...) يقول في «قصيدة حب» (1955م): هل ستسمعينني خلف الوجه المعشوشب للقمر الذي يتفتت؟ والليل يتكسر كالصودا، «أسود وأزرق». وكأن هذه الصور الصلبة، وهذا التحطم والتناثر والانكسار تعبير عن فشل محاولته للقرب من الحبيبة كما هو تعبير عن خلاصه الوحيد المنتظر على يد اللغة الشاعرة الخلاقة. والجزء الأخير من قصيدة لوركا المشهورة عن صديقه مصارع الثيران سانشيت ميخياس يحمل هذا العنوان «نفس غائبة». إنه لا يذكر الميت ولا الموت بكلمة واحدة، وإنما يقول إن أحدا لم يعد يعرف صديقه، لا الثور والخيل والنمل في بيته ولا الطفل والماء، ولا الحجر الذي يرقد تحته. ولقد صار الميت بعيدا عنه بعدا لا يستطيع التذكر نفسه أن يصل إليه. «لكنني أغني باسمك». غير أن هذا لا يجدي أيضا. فالشاعر الذي غلبته الوحدة واليأس من الوصول إلى الصديق البعيد لم يعد يملك إلا الغناء عن النسيم الحزين الذي يسري بين شجيرات الزيتون.
وقل مثل هذا عن قصائد الشاعر الإسباني رافائيل ألبرتي (1902م) التي نشرها في سنة 1929م بعنوان «عن الملائكة». والملائكة التي يتحدث عنها الشاعر ليس لها أي معنى ديني. إنها كائنات خرساء كالأنهار والبحار، خلقها خيال شاعر وحيد. هناك صراع خفي يدور بينها وبين الإنسان وينتهي إلى انقطاع كل أمل في الاتصال بينهما. فالإنسان يعلم أن الملاك موجود. غير أنه لا يراه، ولا الريح وزجاج النوافذ تراه، والملاك أيضا لا يرى الإنسان، ولا يعرف المدن التي يسير فيها؛ لأنه بلا عيون ولا ظلال، ولأنه يغزل الصمت في شعره، وما هو إلا «ثقب وحيد رطب، ونبع جف الماء فيه ...» لقد مات بيننا نحن البشر، أضاع المدنية وأضاعته. ومع أن من الصعب تفسير هذه القصائد التي وصفها البعض خطأ بالسريالية، إلا أن الرمز الذي تدور حوله لا يستعصي على الفهم. فالملائكة كائنات نورانية مباركة، سواء أرسلت إلى الناس لتبشرهم بنعمة الله أم لتنذرهم بغضبه ونقمته. كان الإنسان يحس صلة بينه وبينها، وكان يشعر أنه ليس وحده في هذا الكون، ويرى بين الحين والحين أن هناك كائنا علويا يرعاه ويتذكر وجوده على الأرض البائسة. غير أنه يبدو أن الملائكة قد سئمت الإنسان، فلم تعد تهتم بشأنه، بل ولم تعد تذكر منه إلا صورا للقبح والفساد والفناء.
للكاتب الألماني فرانز كافكا (1883-1924م) أمثولة جعل عنوانها «القرية المجاورة» يقول فيها: «كان من عادة جدي أن يقول: إن الحياة قصيرة إلى حد مذهل. والآن تضغط الحياة بذكرياتها، حتى لا أكاد أتصور مثلا كيف يمكن أن يصمم شاب على ركوب جواده إلى القرية المجاورة دون أن يخشى - ويصرف النظر تماما عن الصدف المؤلمة - من أن يكون عمر الحياة العادية التي يلازمها الحظ أقصر بكثير من أن يتسع لمثل هذه الرحلة.»
هذه الأمثولة تعبر عن موقف أساسي في وجدان الجيل الحديث، ألا وهو العجز عن الوصول، حتى ولو كان الهدف قريبا. ولنضرب مثلا لذلك من الشعر الحديث بقصيدة لوركا «أغنية فارس»:
Halaman tidak diketahui