ماذا تمثل مأساة طاجكستان
أيها المسلمون: إن إخوانكم في طاجكستان ليصورون مأساةً من المآسي المتتابعة، ونكبةً من النكبات المتلاحقة، وضربةً من الضربات الموجعة التي سددها وساقها أعداء الله بغضًا وحقدًا وكرهًا لله ورسوله وقبلة المسلمين، ومسجد رسول الله ﷺ.
هذه صورةٌ لأبٍ طاجيكي أمام زوجة مهيضة الجناح، وطفلةٍ تتكئ بيمينها على عكازٍ تأبطه صدرها، وطفلٌ يصيح يريد قطرة حليبٍ فلا يجد، وفتاةٌ طاجيكيةٍ كانت عذراء فانتهكها المجرمون، وقد وضع الأب رأسه بين رجليه، وقعد قعدةً توحي بكل ألمٍ وحسرةٍ ومرارة، وكأني به يردد قائلًا:
فلو أبصرتني والليل داجٍ وخدي قد توسط بطن كفي
ودمعي يستهل من المآقي إذًا أبصرت ما بي فوق وصفي
أيها الأحبة: لكل أُسرةٍ حكاية، ولكل عائلةٍ رواية، ولكل مهاجرٍ أعجوبةٌ وأعاجيب، فلماذا لماذا ينسى هؤلاء في زمنٍ ارتبط العالم ببعضه، وأصبحت الكرة الأرضية كقريةٍ صغيرة، لو أنجبت بقرةٌ هولندية انتاجًا عجيبًا، أو عجلًا غريبًا لعلم به العالم بأسره، أما مآسي المسلمين الطاجيك، فلولا فداحة الخطب، ولولا كثرة الدماء، ورسائلك ينقلها نهر سيحوت، لما سمعنا عنهم من الأخبار إلا قليلًا.
وحق لهم أن نهتم بهم؛ لأنهم حفظوا القرآن في الأقبية والسراديب وتحت الأرض؛ في زمنٍ كانت حيازة المصحف عقوبتها الإعدام! في زمنٍ تعلم اللغة وتعليمها كانت عقوبته السجن والأعمال الشاقة، في زمنٍ من عرف فيه بالدعوة إلى الله فعقوبته المقصلة، والمشنقة والزنزانة الانفرادية.
فإني لأثق أن كثيرًا من المسلمين لا يعرفون أين تقع طاجكستان.
إنها في الجزء الجنوبي الأقصى لما يسمى بـ الاتحاد السوفيتي سابقًا، على مساحةٍ تبلغ مائةً وثلاثة وأربعين ألف كيلو مترًا مربعًا، وحدودها من الشمال الشرقي آسيا الوسطى، وأوزبكستان، وكرغيزيا، كل هذه تحدها من الشمال، والشمال الشرقي، ولها حدودٌ طويلة مع أفغانستان، والصين من الجهات الجنوبية.
18 / 3