عمر
1
وكان عمر بن الخطاب في السنة السادسة من مبعث النبي
صلى الله عليه وسلم
فتى جلدا حديدا من فتيان قريش، ثم من بني عدي، وقد نشأ نشأة القرشي غير ذي الثراء.
كان أبوه الخطاب بن نفيل قليل الحظ من الغنى، عظيم الحظ من الفظاظة وغلظة القلب، امتحن ابن أخيه زيد بن عمرو فأسرف عليه في الامتحان، وكان زيد قد خالف عن دين قريش، فاجتنب عبادة الأوثان وأنكر على الذين يقربون إليها، واتخذ لنفسه - فيما يقول الرواة - دينا كان يسميه دين إبراهيم، فكان يؤمن بالله وحده لا يشرك به شيئا، وكان ينكر كثيرا من عادات قريش وأطوارها، فامتحنه عمه الخطاب في هذا الدين وقسا عليه، وصبر له زيد فلم ينحرف عن مذهبه ذاك حتى أخرجه الخطاب من مكة بمعونة قريش.
ويظهر أن عمر قد امتحن في صباه وأول شبابه بما كان في أبيه من فظاظة وغلظة، وقد تحدث هو بذلك بعد أن ولي الخلافة حين مر بمكان قريب من مكة يقال له: ضخنان، فقال: لقد رأيتني في هذا المكان أرعى على الخطاب إبلا له، وكان ما علمت فظا غليظ القلب، وأنا الآن ليس فوقي أحد إلا الله عز وجل، ثم تمثل:
لا شيء مما ترى تبقى بشاشته
يبقى الإله ويودى المال والولد
والشيء الذي لا شك فيه أن عمر ورث عن أبيه شدته وعنفه، وأنه لو لم يهده الله إلى الإسلام لعاش في قومه كما عاش أبوه فظا غليظ القلب يستجيب للعنف عند كل نبأة .
Halaman tidak diketahui