فعمر لم يسن للمسلمين حين سن لهم صلاة التراويح في رمضان إلا قليلا مما طلب الله إلى رسوله، فهو إذن ملائم للقرآن أشد الملاءمة وأقواها.
ويقول المحدثون: إن النبي
صلى الله عليه وسلم
قام ليلة في المسجد، وتسامع الناس بذلك؛ فجعلوا يسرعون إلى المسجد ليشهدوا مع النبي صلاته تلك، فلما كان من غد قام النبي في المسجد قيامه البارحة فكثر الناس، ثم ما زالوا يكثرون بعد ذلك حتى اكتظ بهم المسجد، فلما رأى النبي
صلى الله عليه وسلم
منهم ذلك لم يخرج للناس في الليل بعد صلاة العشاء واكتفى بالقيام في بيته، فلما سأله الناس عن ذلك قال: «خشيت أن تفرض عليكم وألا تطيقوا ذلك.»
فعمر إذن لم يزد على أن عاد إلى شيء ضئيل من سنة النبي
صلى الله عليه وسلم
في رمضان، والله - عز وجل - قد حرم الخمر في القرآن واشتد في تحريمها، واستجاب الناس لله والنبي حين تلي عليهم ما في القرآن من تحريم الخمر، ولكنهم بعد وفاة النبي، وبعيد العهد قليلا بهذه الوفاة، جعل بعضهم يستجيب لغريزته، وجعل الناس يتعللون بالعلل والمعاذير التي لا تستقيم، فأي بأس على عمر أن يقوم دونهم ليمنعهم من معصية الله، والخلاف عن أمره ما استطاع إلى ذلك سبيلا؟! ومن حق الإمام أن يؤدب الرعية إذا انحرفت عن الدين قليلا أو كثيرا، وعمر مع ذلك لم يستبد بفرض هذا الحد، وإنما استشار فيه أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم
Halaman tidak diketahui