فإن خبت في طوال الدهر وقدتها
فلا محالة في أن ينقض الفلك
السبت 3 شعبان/20 مايو
بغداد تخاف الغرق
طغت دجلة وفاضت فأغرقت جانبا من بغداد وهددت المدينة كلها، وليست هذه أول مرة تفاجئ فيها دجلة بغداد بفيضان مخيف، إن دجلة التي سميت المجنونة، لفيضانها الفجائي، قد نالت من دار العباسيين في عصور طويلة وأجيال متعاقبة؛ حتى قيل: إن آثار العباسيين ذهب بها طغيان دجلة، فلا ترى اليوم في دار السلام أثرا قائما لخلفاء بني العباس إلا جدرا من المدرسة المستنصرية التي شادها الخليفة المستنصر بالله.
وقد أمد العلم والصناعة الإنسان بما سخر له الجبال والأنهار والصحارى والبحار، فينبغي ألا تترك بغداد عرضة للغرق كلما جنت دجلة جنونها. ينبغي أن تخط خطة لوقاية دار السلام من الماء بوسيلة من وسائل العلم والصناعة التي لا يعجزها اليوم شيء.
إن عزيزا علينا أن يقال كل حين: إن دجلة تحيفت بغداد وأغارت على أطرافها وأغرقت آلاف الدور فيها، وإن المدينة كلها في وجل. فلنأخذ للأمر أهبته ولنحط المدينة العظيمة بما يقيها الغرق والنزز ويوقيها الخوف، فما أجدر بغداد العظيمة أن تبقى آمنة، وما أحرى دار السلام بالسلام! وقى الله بغداد كل سوء، ويسر لأهلها كل خير.
الأحد 4 شعبان/21 مايو
من الحجاز إلى باكستان
استلمت اليوم برقيتين من أسرتي فيهما تهنئة بنقلي سفيرا إلى باكستان، قلت: هذه نقلة قريبة، فأنا حينما كنت في بلاد العرب والإسلام كأني في وطني وبين قومي، بلاد أعرفها وتعرفني، أعرف ماضيها وحاضرها، وأعرف لغاتها وآدابها، وأعرف كثيرا من أهلها، لم أتكلف هذه المعرفة ولا اصطنعت هذه المودة؛ ولكنها وحي الأخوة الإسلامية والتاريخ والآداب. حقائق لا تزوير فيها، ووشائج لا تكلف بها، وأواصر لم أخلقها ولا اصطنعها غيري.
Halaman tidak diketahui