ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا .
وأعوذ بالله من شقاء الجماعة حين تتنافر وتتباغض وتتحارب؛ فهي في شقاق دائم، وتنافر مستمر، تنطوي صدورها على عداوة تثيرها كلمة عابرة أو فعلة يسيرة، كما يشعل عود الثقاب النفط. والذي ترى وتسمع من حادثات كبيرة ثارت بأسباب صغيرة، هو من هذا التباغض المستكن، والتنافر الكامن. ترى هذه الجماعة في مجامعها وطرقها وحيثما تلاقى منها اثنان، قوى متصادمة، ووجوها متلاعنة، وأيديا للطام معدة. ولعل أسوأ ما قيل في صفة أهل النار ما في القرآن الكريم:
كلما دخلت أمة لعنت أختها .
الإثنين 14 ذي القعدة/28 أغسطس
الخير والشر
بدا لي رأي في الخير والشر: ما هما وما أصلهما؟ ولعلماء الأخلاق فيهما مذاهب؛ منهم من يرى أن الخير مرده إلى النفع ، والشر مرجعه إلى الضر ، ومنهم من يقول: إن في الإنسان حاسة تميز ما هو خير وما هو شر، دون نظر إلى المنفعة والمضرة، ولهم مذاهب أخرى.
والذي بدا لي أن الخير ائتلاف أو سبيل إلى الائتلاف، والشر تنافر أو وسيلة إلى التنافر. فعالم الطبيعة متجاذب، كل جسمين بينهما من الجذب ما يناسب كتلتهما والمسافة بينهما. وبهذا التناسب قامت السموات والأرض وسارت النجوم واتزنت الأشياء.
والأجسام الحية حياتها بالائتلاف وموتها بالتفرق، وكذلك جماعات الحيوان الأعجم والإنسان، باجتماعها وتعاونها تعيش وبتفرقها وتنازعها تهلك.
وكل ما يعده الناس خيرا هو ألفة حين تتأمل فيه أو وسيلة إلى ألفة، وكل شر هو فرقة أو سبيل إليها. فالكذب والسرقة والقتل والظلم وما إليها، كلها شقاق ونفور وافتراق، والعدل والأمانة والرحمة وأخواتها، اجتماع وائتلاف ومحبة.
وتستطيع أن تطرد هذا، ولعلي أفصل هذا في رسالة على حدة في الخير والشر.
Halaman tidak diketahui